عبق نيوز| السودان / الخرطوم | لاقى توقيع اتفاق مبدئي بين الجيش السوداني والقادة المدنيين ترحيبا واسعا من قبل المجتمع الدولي، لكن كثيرين في الداخل يشككون في نوايا العسكريين.
والسودان أحد أفقر بلدان العالم، غارق في اضطرابات عميقة منذ أن نفذ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان انقلابا عسكريا في أكتوبر 2021، مما أدى إلى عرقلة نقل السلطات إلى المدنيين.
جاء الانقلاب بعد عامين ونصف من الاحتجاجات الشعبية الضخمة التي دفعت بالجيش للإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير التي ظن كثيرون بعدها أن الترتيبات لتقاسم السلطة ستضمن الحريات وتوفر العدالة. لكن الانقلاب أطاح بتلك الآمال ودفع بالمانحين إلى تعليق التمويل ما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية الطويلة الأمد.
كما أدت أحداث العام الماضي إلى تفاقم الأزمات الأمنية في المناطق النائية.
والاثنين توصل ضباط كبار وتشكيلات مدنية الى اتفاق يمهد الطريق لإعادة تشكيل سلطة مدنية – وهي خطوة رحبت بها الأمم المتحدة وواشنطن ولندن وبروكسل والرياض وأبوظبي وغيرها.
والاتفاق هو الشق الأول من عملية سياسية على مرحلتين ترتكز على مسودة الدستور التي أعدتها نقابة المحامين السودانيين أخيرا، بحسب قوى الحرية والتغيير الموقعة عليه.
وبموجب الاتفاق، سيتفق الموقعون على رئيس وزراء مدني يتولى السلطة في البلاد لمرحلة انتقالية جديدة تستمر عامين.
ووعد البرهان خلال مراسم التوقيع وسط تصفيق حاد بأن “سيعود الجنود إلى ثكناتهم والأحزاب إلى الانتخابات”.
حتى أن نائبه قائد القوات شبه العسكرية محمد حمدان دقلو، أقر بأن الانقلاب كان “خطأ سياسيا”.
لكن، حذر محللون سودانيون ووزير رفيع المستوى وحاكم إقليمي من أن الاتفاق ينطوي على مخاطر.
– “مجرد خطوة رمزية” –
تشير خلود خير من مؤسسة Confluence Advisory وهي مؤسسة فكرية مقرها في الخرطوم، إلى أن الاتفاق يحسن صورة البرهان لدى المجتمع الدولي. لكنه “لن يكون بالأمر السهل بالنسبة للمدنيين … وسيتعين عليهم القيام بعمل شاق وإقناع الرأي العام بالاتفاق”.
واضافت “لا يوحي بالثقة وبأنه سيؤدي إلى تنفيذ الإصلاحات التي يطمح لها الشعب”.
وأعرب الناشطون المؤيدون للديموقراطية عن معارضتهم الشديدة للاتفاق.
وخرجت حشود غاضبة الى الشارع الاثنين مرددين “الاتفاق خيانة”.
وقال المحلل السوداني عثمان ميرغني “إنها مجرد خطوة رمزية ينبغي تطويرها بشكل أكبر من أجل اتفاق أكثر واقعية”. وإلا “فستكون خطوة لا جدوى منها”.
ويحدد اتفاق الاثنين الخطوط العريضة لعملية انتقالية بقيادة مدنية دون التطرق إلى التفاصيل والمهل الزمنية.
ويتعهد بالمساءلة وإصلاح قطاع الأمن ويمنع الجيش من التدخل في شؤون لا تتعلق بالمؤسسة العسكرية التي لديها مصالح تجارية واسعة النطاق في البلد.
وتعهد دقلو نفسه بتحقيق العدالة لعائلات الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن على مر السنين وهو مطلب رئيسي للناشطين.
وتعهد الموقعون على الاتفاق بوضع تفاصيل العدالة الانتقالية والمحاسبة والإصلاح الأمني “في غضون أسابيع”.
يقول ميرغني إن مثل هذه القضايا المعقدة قد تستغرق شهورا لتذليلها.
– “لا ثقة” –
وقالت خير إن الاتفاق “رهن أيضا … بثقة الرأي العام بالاتفاق والأطراف المعنيين”. وأضافت “وبصراحة الثقة غير موجودة”.
قوبل الاتفاق بمعارضة قوية من قادة التمرد السابقين الذين وقعوا قبل عامين اتفاق سلام تم التوصل إليه مع الحكومة الانتقالية التي لم تبق في السلطة سوى لفترة قصيرة.
ووصف زعيم المتمردين السابق ميني ميناوي وهو أيضا حاكم منطقة دارفور المضطربة، الاتفاق بأنه “غير شمولي”.
وقال وزير المال والمعارض السابق جبريل ابراهيم ان الاتفاق “بعيد كل البعد عن وفاق وطني ولا يؤدي الى انتخابات حرة ونزيهة”.
وقال ميرغني “سيكون من الصعب المضي في صفقة شاملة دون الاتفاق مع الجماعات المسلحة وعلى الأخص تلك التابعة لإبراهيم وميناوي”.
المصدر/ وكالة الصحافة الفرنسية.
Comments are closed.