عبق نيوز| فرنسا / باريس| تعكف حوالى 200 دولة اعتبارا من الاثنين على درس مروحة من الحلول للجم الاحترار الذي يتسبب بمعاناة بشرية متعاظمة، تشمل خفض الانبعاثات على وقع حرب في أوكرانيا تبرز مجددا الاعتماد الكبير على مصادر الطاقة الاحفورية.
وبعد مفاوضات مغلقة محتدمة عبر الانترنت استمرت أسبوعين، تختتم الجولة الجديدة من مناقشات الخبراء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في الرابع من أبريل بإصدار الجزء الأخير من ثلاثية تقارير، يفصل المعارف العلمية المتعلقة بالتغير المناخي.
ويقول ألدن ميير المحلل في مركز الأبحاث E3G “رسالة (الهيئة) بمجملها تفيد أن العلم واضح للغاية وأن التداعيات ستكون مكلفة ومتزايدة، لكن لا يزال بإمكاننا أن نتجنب الأسوأ إذا تحركنا الآن. سيحدد هذا التقرير ما نحتاجه إذا ما كنا جديين في معالجة هذه المسألة”.
وكان التقرير الأول الذي نشر في اغسطس 2021 سلط الضوء على تسارع الاحترار المناخي متوقعا أن ارتفاع الحرارة بـ 1,5 درجة مئوية مقارنة بمرحلة ما قبل الثورة الصناعية قد يحصل بحدود العام 2030 أي قبل عشر سنوات مما كان متوقعا. وكان اتفاق باريس للمناخ المبرم العام 2015 نص على السعي إلى حصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية كحد أمثل.
أما التقرير الثاني الصادر في نهاية فبراير والذي وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أنه “موسوعة للمعاناة البشرية” فقد رسم صورة قاتمة جدا للتداعيات الماضية والحاضرة والمستقبلية على سكان العالم والأنظمة البيئية مشددا على أن التأخر في التحرك يخفض من فرص توافر “مستقبل قابل للعيش”.
أما الفصول السبعة عشر وآلاف صفحات التقرير الثالث، فتتناول السيناريوهات الممكنة للجم الاحترار المناخي مع عرض الاحتمالات في القطاعات الرئيسية مثل الطاقة والنقل والزراعة وغيرها والتطرق إلى مسائل القبول الاجتماعي للتدابير المتخذة ودور التكنولوجيا مثل امتصاص الكربون وتخزينه.
ومنذ دورة التقييم السابقة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في العام 2014، “تغيرت أمور كثيرة” على ما تشدد تارين فرانسن من World Resources Institute في تصريح لوكالة فرانس برس.
فقد تم التوقيع على اتفاق باريس للمناح فيما يشهد العالم التداعيات الكارثية للجفاف والحرائق والفيضانات. إدراك المشكلة لم يكن يوما بالحجم الذي هو عليه الآن فيما تراجعت أسعار مصادر الطاقة المتجددة الضرورية للعملية الانتقالية.
– “سريع الاشتعال” –
وتشير تارين فرانسن “مع أننا نعرف ما ينبغي القيام به منذ فترة طويلة” ولا سيما التخلي اولا عن مصادر الطاقة الأحفورية، إلا ان تحقيق الأهداف المنصوص عليها في اتفاق باريس “لا يمر عبر سبيل واحد”. وتضيف “التقرير سيعرض سبلا مختلفة وعلى قادتنا بعد ذلك أن يعتمدوها” وفقا للظروف الوطنية المختلفة.
وتفيد الأمم المتحدة أن الالتزامات الراهنة للدول ستؤدي إلى احترار “كارثي” قدره 2,7 درجة مئوية لذا ينبغي على البلدان الموقعة على اتفاق باريس ان تعزز أهدافها في مجال خفض انبعاثات غازات الدفيئة بحلول مؤتمر الأطراف السابع والعشرين حول المناخ في نوفمبر في مصر.
ويشدد ألدن ميير على أن التقرير الحالي “سيوفر معلومات مهمة تغذي النقاش الحاصل في أوروبا والولايات المتحدة بشان التخلي عن الغاز والنفط الروسيين”. ويعرب عن أمله في أن تعطي الحرب الدائرة في اوكرانيا “على المدى الطويل دفعا أكبر للحاجة إلى التخلص من الغاز والنفط عموما”.
وفرض غزو روسيا لأوكرانيا نفسه على النقاشات خلال التفاوض على التقرير الأخير بشأن تداعيات الاحترار في فبراير.
وشهدت الجلسة العامة تصريحا ناريا لرئيسة الوفد الأوكراني. وقالت سفيتلانا كراكوفسكا وفقا لمصادر مشاركة في الاجتماع “التغير المناخي الذي يتسبب به الإنسان والحرب في أوكرانيا لديهما الجذور نفسها: مصادر الطاقة الاحفورية واعتمادنا المطلق عليها”.
ويشدد ألدن ميير “على أن الوضع قابل للاشتعال بعد اكثر (..) يجب ان ندرك ذلك على الدوام”.
وعادة ما تكون دراسة التقرير الواقع في آلاف الصفحات ومناقشته سطرا بسطر، عملية معقدة. وتحاول بعض الدول مثل المملكة العربية السعودية بانتظام سحب الإشارة إلى هدف حصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية إذ انه يتطلب خفض الانبعاثات بحوالى 50 % بحلول العام 2030.
وكتب اندي ريسينغر نائب رئيس المجموعة المكلفة الاشراف على هذا التقرير الثالث في تغريدة أن الجلسة العامة لإقرار التقرير “أشبه بالركض مسافة عشرة آلاف متر بعد ماراثون طويل من مئة كيلومتر”.
Comments are closed.