عبق نيوز| اسرائيل/ فلسطين / القدس| منذ عام 1948 تعيش مناطق العرب في إسرائيل حالة اضطراب مجتمعي بسبب عدة عوامل تتعلق بإسرائيل والجريمة المنظمة داخل تلك المناطق، مع اتهامات يتم توجيهها باستمرار نحو إسرائيل بأنها المسؤولة عن توجيه العرب في تلك المناطق باتجاه ارتكاب الجرائم والعنف.
وعلى إثر تفشي الجريمة في المناطق العربية، جاء الحراك الفحماوي الموحد ليطالب قوات الأمن الإسرائيلية بفرض السيطرة الأمنية ومنع تفشي الجريمة في المناطق العربية التي تعيش حالة من التهميش حتى أصبحت أرض خصبة للعصابات والجماعات الإجرامية.
وأدى انعدام الأمن والأمان المجتمعي إلى قيام الكثير من العرب في تلك المناطق بترك منازلهم وبلدانهم الأصلية بحثاً عن أماكن أكثر استقراراً وأماناً داخل إسرائيل أو خارجها.
وكان ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي أصدر عام 2020 تقريراً حول العنف في الوسط العربي. وأشار التقرير إلى أن 2% فقط من أصحاب القروض العقارية في إسرائيل هم من العرب، وأن أكثر من نصف العرب في إسرائيل ليس لديهم بطاقات ائتمان وأكثر من ربعهم ليس لديهم حسابات مصرفية، وهذا مؤشر على سوء وتردي الحالة الاقتصادية التي يعيشها العرب في إسرائيل، الأمر الذي يسمح بمضاعفة أعداد العصابات الإجرامية التي يتوجه المواطنون العرب لها بغرض الاقتراض رغم ارتفاع نسبة الفائدة والخلافات على سدادها في كثير من الأحيان.
ويعيش اليوم أكثر من 2 مليون عربي تحت السيادة الإسرائيلية ويعرفون بالوسط العربي أو المجتمع العربي في إسرائيل، وخلال السنوات الأخيرة تنامت ظاهرة الجريمة المنظمة في الأوساط العربية، وهذا مؤشر خطير لبدء مرحلة من الانعدام المجتمعي داخل معظم البلدات العربية المحتلة سبقتها سنوات من الحكم العسكري في الماضي، إلى جانب تراكمات لسنوات من السياسات المختلفة تجاه العرب داخل إسرائيل.
وبدأت الجريمة المنظمة داخل المجتمع العربي في إسرائيل منذ تسعينيات القرن الماضي وتزايدت عام 2016، حيث بدأت بالظهور بشكل علني ومنظم لتصل إلى ذروتها في العام 2020، حيث تشير الإحصائيات إلى ارتفاع معدل الجريمة المنظمة لتصل نسبة القتل المتعمد داخل المجتمع العربي إلى 80%، وقد قدر عدد ضحايا الجرائم بـ 99 ضحية خلال عام 2020 فقط.
كما ارتفع معدل الجريمة ليصل إلى جريمة قتل واحدة يومياً تقريباً، كما تشير التقديرات إلى وجود 500 ألف قطعة سلاح منتشرة في كافة البلدات العربية. وتعترف الحكومة الإسرائيلية بوجودها في يد العائلات والجماعات الإجرامية العربية.
كما تشير الإحصاءات إلى أن حوالي 70% من جرائم القتل التي تحدث داخل المجتمع العربي يتم تسجيل الجاني فيها مجهولاً، وتطال تلك العمليات عدداً من الشخصيات الهامة والبارزة والسياسيين داخل الوسط العربي، كما يتهم عدد من النشطاء الشرطة الإسرائيلية بالتواطؤ في إثارة حالة من انعدام الأمن المجتمعي في الداخل بهدف تشتيت وتقسيم المجتمع العربي لتسهيل السيطرة عليه.
فيما ترفض الحكومة الإسرائيلية تلك الاتهامات ويستخدم السياسيين الإسرائيليين تلك الحالة في إطار الدعاية الانتخابية داخل إسرائيل كتوعد نتنياهو خلال حملته الانتخابية بالقضاء على الجريمة المنظمة داخل الوسط العربي.
ومنذ عدة أسابيع خرجت تظاهرات من إحدى المدن العربية تطالب بضرورة تحمل الشرطة الإسرائيلية المسؤولية الأمنية داخل البلدات العربية ومحاربة الجريمة المنظمة، ويطالب النشطاء فيما يعرف بالحراك الفحماوي الموحد الشرطة الإسرائيلية بمحاربة الجريمة المنظمة وملاحقة مرتكبي الجرائم وفرض الأمن وتحمل المسؤولية الأمنية تجاه المجتمع العربي.
وبدأت مظاهرات الاحتجاج من مدينة أم الفحم التي تعتبر معقل الحركة الإسلامية في إسرائيل ضد الجريمة المنظمة وحملة السلاح، ويقود الحراك عدد من النشطاء وقادة الأحزاب السياسية العربية.
يقول أ. خالد حسن مدير مشروع في المنتدى الاقتصادي العربي ومسؤول عن قطاع الأعمال والسلطات المحلية، “ليس بالضرورة أن تذنب لكي تتلقى رصاصة قاتلة خلال ساعات النهار أو الليل وليس بالضرورة أن تكون طرفاً في نزاع أو مديونية أو خلاف فاحتمالات الموت أو الإصابة من قبل مجهولين بات وشيكاً ومرتفعاً حتى درجة توقعه بكل لحظة”.
ويضيف، “للأسف الشديد تحول الشعور بالأمان إلى أرقام وإحصائيات بل انعدام للأمن في البلدات العربية في إسرائيل. انعدام الحكم المحلي في البلدات العربية إلى جانب إهمال ممنهج ومخطط له من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة هو سبب رئيسي لكل الأحداث الجارية في المجتمع العربي”.
ويشير حسن إلى أن هناك أسباب عدة تقف وراء الجريمة المنظمة في البلدات العربية على رأسها مضايقات كثيرة يتعرض لها المواطن العربي، مثل الكثافة السكانية في المناطق العربية وارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب وسهولة الحصول على الأسلحة والمتاجرة بها وكذلك المخدرات، وانعدام سلطة القانون داخل البلدات العربية.
وذكر أن “الانفلات الأمني جر ورائه سوق سوداء عامية ومضللة داخل البلدات العربية وسمح للعصابات بالسيطرة على سلطات محلية كثيرة وهو ما أدى إلى توقف الخدمات وعدم تطور البلدات العربية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي”.
كما قالت الدكتورة كارول دانيال كسبري الأستاذة في جامعة جورج ميسون الأمريكية ومختصة بالشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، “لا أعتقد بأن الحراك سيجلب النتائج المتوقعة منه والتغيير الحقيقي يجب أن يتم على عدة مستويات منها التعليمي والاقتصادي والسياسي”.
وأضافت، “حالة العنف المتبادل هي نتاج لحالة من الإحباط الشديد والإهمال المستمر من قبل الدولة والسلطات الإسرائيلية. كما أن طبيعة تصرفات إسرائيل تجاه المجتمع العربي عنيف جداً، ويجب علينا ألا نستغرب من النتائج”.
ويرى الكاتب الفلسطيني خالد جهاد في الحراك بأنه ردة فعل لتراكمات طويلة على مدار عقود، مضيفاً أن الحكومة الإسرائيلية تحاول تمييع الحراك وإضعافه بمرور الوقت، وهو على أية حال مجرد ردة فعل ضد كل أشكال التمييز كما أنه ليس مرتبطاً بحادثة بعينها.
كما يتوقع جهاد استمرار الاحتجاجات حتى تتحقق نتائج ملموسة على الأرض، لأن المواطنين ليس لديهم ما يخسرونه، وقد يشعر بعضهم بالملل وقد يستمر بعضهم، جميع الاحتمالات مفتوحة.
كما يؤكد الدكتور سمير رئيس البلدية، أن البلدية ستتابع مطالب المحتجين مع الجهات المختصة، إضافة إلى مطالب أخرى توجهت فيها البلدية لمكافحة آفة العنف ومسبباتها.
وقال، “نعي أن المشوار طويل لمواجهة سياسات الحكومات الإسرائيلية. ونحن لدينا نفس طويل وعلى أهبة الاستعداد لاستمرار هذه المعركة من أجل الحصول على حقوقنا”.
كما يؤكد الشيخ رائد فتحي الرئيس السابق للمجلس الإسلامي للإفتاء في المجتمع العربي، أن “الحراك الفحماوي يعبر عن المطالب والحقوق المشروعة لفلسطينيي الداخل، في سياق تفشي الجريمة وتواطؤ إسرائيل مع هؤلاء المجرمين”.
وتعود ظواهر العنف المجتمعي والجريمة المنظمة داخل البلديات العربية لأسباب سياسية ومجتمعية ولأسباب أخرى تتعلق بسياسات الحكومة الإسرائيلية تجاه العرب والتهميش والتضييق وعدم الاهتمام بالنظام التعليمي وغياب الأمن في المناطق العربية.
متابعة وتحرير: سامر ضاحي / عبق نيوز – فلسطين .
Comments are closed.