عبق نيوز| السودان/ الخرطوم| في العاصمة السودانية الخرطوم، أصبح منتج أغاني (هيب هوب) حرا في مزج الإيقاعات في الاستوديو الخاص به بعد أن تم الاستيلاء على معداته خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة العام الماضي.
وعبر المدينة، تؤدي فرقة تتألف بالكامل من النساء اللائي يرتدين قمصانا وردية وسراويل الجينز البيضاء الرقص الإيقاعي في وقت متأخر من المساء في مرآب سيارات ذي إضاءة خافتة.
وأدت الإطاحة بنظام الرئيس الإسلامي السابق عمر البشير في أبريل وانهيار شرطة النظام العام إلى تخفيف القيود الاجتماعية المرهقة، ومنح النساء حرية أكبر في ارتداء ما يرغبن من الملابس وتوفير مساحة أكبر للأنشطة الثقافية.
وبدأ الأمر بانتعاشة فنية وموسيقية خلال الاحتجاجات التي ساعدت في الإطاحة بالبشير، لكن في الوقت الذي ينتقل فيه السودان نحو الديمقراطية، يرى كثيرون أن التغييرات الاجتماعية ضحلة. فلا تزال القوانين المقيدة موجودة في كتب القانون وما زال تمثيل المرأة ناقصا بعد الانتفاضة التي ساعدت في قيادتها.
وقالت سمية عبد الحي، وهي طالبة تبلغ من العمر 23 عاما، وهي تعزف على الناي في كلية الموسيقى والدراما جامعة السودان ”نحن فاهمين أن التغيير لن يحدث غدا بمجرد حدوث الثورة.
وأضافت ”الموضوع سيأخذ زمن لكن الجديد بعد الثورة أن هناك أمل وأن الأشياء يمكن أن تتغير وأصبح في يدنا أن الأشياء التي نراها خطأ في البلد وفي الكلية يمكن أن تتغير ونحن بأنفسنا يمكن أن نغيرها“.
واتسمت حقبة البشير التي امتدت لثلاثة عقود بقواعد اجتماعية ودينية صارمة إلى جانب العزلة الدولية والعقوبات الاقتصادية. وكان السلوك العام للمرأة مقيدا بضوابط شديدة للغاية وكانت عقوبة ارتداء السراويل للمرأة هي الجلد.
وأدى سقوط البشير، بعد أشهر من احتجاجات الشوارع التي لعبت فيها المرأة دورا بارزا وقُتلت عشرات منهن في حملات القمع الأمنية، إلى تغير في الاتجاه. وفي نوفمبر تشرين الثاني، ألغت السلطات قانون النظام العام الذي كان يستخدم في فرض قواعد اجتماعية إسلامية محافظة.
وقالت أنيتا سايمون، وهي راقصة شابة في فرقة صوت النوبة، بعد بروفة (تدريب) مرتجلة على جانب الطريق تحت لوحة عملاقة لفرع كنتاكي فرايد تشيكن الذي افتتح مؤخراً ”قبل الثوره كانت عروضنا في محلات معينة.. مناسبات داخل محل معين“ مضيفة ”لكن الآن ومع الحرية يمكن أن نشتغل عروض في محطات ومواقف العربات. أصبحنا نشتغل بشكل عادي من دون مضايقات“.
–حرية —
وقال محمد عبد العزيز، وهو المنتج الموسيقى الذي صودرت أدواته الصوتية واستجوبته الشرطة مرارا أثناء المظاهرات المناهضة للبشير، إن الانتفاضة أسفرت عن ازدهار للموسيقى مثل الهيب هوب والراب التي كانت تعتبر تخريبا في السابق. وأضاف ”كل المواضيع أو المنتجات الموسيقية كانت تتناول الثورة والتغيير والحرية وحقوقنا وواجبنا تجاه البلد“.
وتنطلق أصوات الموسيقى الصاخبة من الآلات (دي جي) في الحفلات العامة بالخرطوم حيث يمكن للرجال والنساء الاختلاط بحرية. وأقيم معرض للكتاب بدون رقابة سياسية، بل وأقيم دوري لكرة القدم النسائية في الأشهر الأخيرة. وتقول كثير من النساء إن الانتفاضة سمحت لهن بارتداء ما يردن.
وتقول جيهان الطاهر وهي ناشطة حقوقية في الثلاثينات من العمر ”في السابق كان الفتيات يعانين من الاذلال والعنف بسبب الزى ولكن الان بسبب الشهداء والثورة صار الان لدينا حق الاختيار في الملابس“.
وبالرغم من أن شبكة البشير ذات الجذور الإسلامية العميقة توارت في مكان بعيد من المشهد، إلا أن بعض التحركات، بما في ذلك دعوات من قبل جماعة متمردة جنوبية لإقامة دولة علمانية، تسببت في رد فعل عنيف على وسائل التواصل الاجتماعي. وندد الواعظ المعروف، عبد الحى يوسف، من التيار المحافظ المتشدد بوزيرة الشباب والرياضة، ولاء البوشي، بسبب تنظيم دوري لكرة القدم للسيدات.
ويقول ناشطون إن التقدم غير مؤكد بموجب اتفاقية تقاسم السلطة بين الجيش وجماعات مدنية والتي من المقرر أن تستمر حتى أواخر عام 2022.
ويشتكون من أن التشريعات التي يستند إليها قانون النظام العام ما زالت موجودة، وأن النساء غير محميات من التحرش الجنسى أو الاغتصاب.
وقالت ناهد جبر الله مديرة مركز سيما لحقوق الإنسان والمرأة والطفل إن عدد النساء اللاتي يحصلن على وظائف سياسية قليل للغاية. وهناك امرأتان فقط بين الأعضاء الأحد عشر في المجلس السيادي الحاكم.
وأضافت أن ما تم إنجازه لا يتناسب مع دور أو نطاق مشاركة المرأة في الثورة والتغيير.
المصدر/ رويترز.
Comments are closed.