عبق نيوز| ارمينيا/ روندا / فرنسا | تستعد الدول الأعضاء في المنظمة الدولية للفرنكفونية التي افتتحت قمتها الخميس في يريفان، لتعيين رواندية على رأسها لتكرس بذلك انتصارا لافريقيا ولكن أيضا للرئيس ايمانويل ماكرون المؤيد لرؤية متعددة اللغات في الدفاع عن الفرنسية.
وبالنسبة لارمينيا، البلد الصغير الذي يقطنه ثلاثة ملايين شخص يمثل الفرنكفونيون 6 بالمئة منهم، فان هذه القمة تشكل أكبر حدث دولي تشهده أراضيها.
وقال رئيس وزراء ارمينيا نيكول باشينيان في خطابه بافتتاح القمة “مرحبا بكم في أرض ارمينيا الخالدة” موجها تحية تكريم لروح المغني الفرنسي الارمني شارل ازنافور الذي توفي مؤخرا قائلا “انه حمل اسم ارمينيا”.
وخيمت وفاة المغني الشهير على أجواء افتتاح القمة. وسيتم تكريمه مساء الخميس بحفل على ذكراه كما سيدشن ماكرون مركزا ثقافيا أطلق عليه اسم ازنافور.
ويزور الرئيس الفرنسي يريفان وقد حقق نصرا من خلال تعيين مرشحته لويز موشيكوابو المقرر بعد ظهر الجمعة على رأس المنظمة التي تضم 84 دولة وحكومة.
وبات طريق وزيرة خارجية رواندا موشيكوابو سالكة لرئاسة المنظمة منذ اعلان كندا سحب دعمها للامينة العامة المنتهية ولايتها الكندية من أصول هايتية ميكاييل جين التي كانت ترشحت لولاية جديدة.
وقال مصدر حكومي كندي إن كندا وكيبيك اللتين توفران ثاني أكبر تمويل للمنظمة بعد فرنسا، “أدركتا انهما لا تملكان الدعم الضروري” للحصول على ولاية ثانية.
وأكد رئيس الحكومة الكندية جاستن ترودو أن “افريقيا فرضت نفسها كمحرك للفرنكفونية ” مؤكدا ان “كندا تنخرط أكثر فأكثر في افريقيا”.
بيد أنه أشار الى أن بلاده “ستواصل العمل على النهوض والدفاع بقوة عن القيم الغالية على المنظمة الدولية للفرنكفونية وكندا وهما حقوق الافراد واللغة الفرنسية” في اشارة مبطنة الى النقد الذي أثاره ترشح وزيرة خارجية رواندا لمنصب الامين العامة للمنظمة. ونالت كوشيكوابو التي كانت مرشحة فرنسا أولا، الدعم الأساسي للاتحاد الافريقي الذي ترأسه رواندا هذا العام.
وستمثل افريقيا التي تضم 27 م الدول الاعضاء الـ 54 في المنظمة الدولية للفرنكفونية، 85 % من الناطقين كليا او جزئيا باللغة الفرنسية في 2050 من اجمالي 700 مليون حينها، مقابل 274 مليونا حاليا، بحسب منظمة الفرنكفونية.
وأكد جان باتيست ليموين وزير الدولة الفرنسي المكلف الفرنكفونية مؤخرا عبر اذاعة فرنسا الدولية أن “مركز ثقل الفرنكفونية اليوم يوجد بافريقيا”.
–الملف السعودي الشائك–
من المقرر ان تنظر قمة يريفان في ملف حساس وهو الترشح المثير للجدل للمملكة السعودية التي ترغب في الانضمام للمنظمة الدولية للفرنكفونية بصفة مراقب أي دون الحق في التصويت.
غير ان الملف يثير انزعاج الكثيرين خصوصا بسبب تجاوزات في ملف حقوق الانسان بحسب ما تفيد منظمات حقوقية. وزاد اختفاء الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي من حدة الجدل بهذا الشأن.
وما يزيد من الاحراج هو أنه من المقرر ان تصادق المنظمة الدولية للفرنكفونية في قمة يريفان على قرار حول “النهوض بالمساواة بين النساء والرجال”.
وفي هذا الاطار دعا ماكرون في كلمته في افتتاح القمة الى مراجعة ميثاق المنظمة وذلك خصوصا لاعادة النظر في مقاييس الانضمام اليها.
وتساءل “هل يجب ان نكتفي بقطع بعض الالتزامات في مجال احترام حقوق الانسان؟” للانضمام الى المنظمة الدولية للفرنكفونية.
من جهة اخرى أكد الرئيس الفرنسي امام أربعين من قادة الدول الاعضاء أن الفرنكفونية “ليست ناديا سطحيا او فضاء منهكا” بل “موقعا لاستعادة” مكانة داعيا الى “اعادة ابتكار” الفرنكونية.
وأشار خصوصا في هذا الاطار الى النهوض باللغة الفرنسية “في المبادلات” والمؤسسات الدولية على غرار الامم المتحدة او الاتحاد الاوروبي وقال “يجب ان نتمكن من التبادل والتفاوض واقتراح مبادرات بلغتنا” معتبرا ان “الانكليزية باتت لغة استهلاك. الفرنسية لغة ابتكار” داعيا الى اقامة مؤتمر للكتاب الفرنكفونيين كما تقترح الكاتبة الفرنسية المغربية ليلى سليماني ممثلة ماكرون للفرنكفونية.
لكنه أكد ان “المعركة الاولى للفرنكفونية، هي الشباب وخصوصا في افريقيا (..) مركز ثقل” الفرنكفونية، داعيا أيضا الى مكافحة “الظلامية وقمع النساء وتراجع التربية خصوصا بين الشابات”.
–عودة إفريقيا–
يكرس التعيين المقبل لموشيكوابو امينة عامة للمنظمة “عودة” القارة الافريقية على رأس المنظمة الدولية للفرنكفونية التي كانت دائما تحت ادارة افارقة قبل توليها من السيدة جين الكندية. وانتصر هذا المعطى على انتقادات وجهت خصوصا الى العلاقة البعيدة لموشيكوابو بالفرنكفونية.
وكانت رواندا عوضت في 2008 الانكليزية بالفرنسية كلغة اجبارية في المدرسة قبل ان تنضم الى الكومنولث. وبعد ذلك بعام أعلن الرئيس الرواندي بول كاغيما (ناطق بالانكليزية) في مايو 2009 من باريس ترشح وزيرته للخارجية للمنصب.
وكتب أربعة وزراء فرنسيين سابقين كانوا مكلفين الفرنكفونية في مقال بصحيفة لوموند منتصف سبتمبر “هل هناك بلد أقل أهلية من رواندا لتولي مقاليد الفرنكفونية اللغوية؟” وأجابوا “بالتأكيد لا”.
لكن في محيط ماكرون تم التأكيد على أن التعددية اللغوية لرواندا أبعد من أن تكون عائقا بل أن الامر يجسد تماما السياسة الشاملة للرئيس الذي يريد أن يدافع عن اللغة الفرنسية دون معارضة باقي اللغات الأمر الذي يتفق فيه معه الكثير من الفرنكفون “الخلص”.
بيد ان الامر لا يتعلق فقط باللغة في أمر انتقاد الترشح الرواندي حيث تتهم رواندا بسلوك سياسة تتعارض مع ميثاق المنظمة الدولية للفرنكفونية الذي جعل من “دعم حقوق الانسان” من مهام المنظمة الاولى.
لكن رواندا تمارس بحسب منظمة مراسلون بلا حدود “الرقابة والتهديد والتوقيف والاغتيال” بحق الصحافيين الذين يتجرأون على التنديد بتسلط قادتها. بيد ان موشيكوابو تؤكد ان “غالبية الروانديين راضون عن النظام الديموقراطي” في بلادهم.
المصدر / فرانس برس العربية .
Comments are closed.