الدكتور مصطفى الفيتوري يكتب “درس عراقي في الديمقراطية والسيادة “

الدكتور مصطفى الفيتوري

عبق نيوز| ليبيا / العراق | نشر الباحث السياسي الليبي الدكتور مصطفى الفيتوري مقالا على صفحته الرسمية على موقع التواصل الإجتماعي ” فيسبوك ” قمنا بنشره كما هو مع الإحتفاظ بالحقوق الكاملة، جاء فيه :

” العراق وعدد سكانه قرابة 38 مليون نسمة وفيه أكثر من 45 حزب وتنظيم سياسي أكبرها طائفي وأوسطها أنفصالي (كردي) وأصغرها قبلي وكلها تقول أنها تمثل نسبة من الـ38 مليون نسمة ولا أحد يجادل في ذلك!

ومنذ العام 2003 (عام تحريره ــ عبر الأحتلال) أجرى العراق أربع انتخابات عامة وٌصفت بأنها ديمقراطية وشفافة ونزيه وفاز بها أصحاب أكبر عدد من المقاعد وهم الذين شكلوا الحكومة وفق الصيغة الديمقراطية مع ان أخر انتخابات شهدت ،دون غيرها، تطوراــ يمكن وصفه بالأبداع ــ اذ لم تٌفقد الصناديق الأقتراع أو تملئ بأصوات مزورة وأنما أٌحرقت في مخازنها وهو أبداع في العملية الديمقراطية لم يسبق له أحد في الدول الديمقراطية يٌسجل للعراق كما سٌجل تحريره عن طريق أحتلاله!

ولولا الدستور لما كانت هناك أنتخابات ولا أحزاب ولهذا في العراق اليوم دستور يحكم كل شئ ويٌرسي الآسس القانونية للسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وبموجبه أصبح منصب الرئيس نافلة لا سنة فتٌتبع ولا زائدة فتٌترك!

وفي العراق أيضا يصدر مجلس النواب، ووفق الدستور، القوانين بأحد أنواع الأغلبية في تصويت علني شفاف بشهادة من يحضرون الجلسات وهم غالبا أغلبية الأعضاء وزيادة في الشفافية يٌبث التصويت مرئيا ليتابعه الناخبون.

أضاف الي ذلك فالنظام السياسي في البلد يوفر جميع أنواع المحاكم القانونية التي تضمن كافة درجات التقاضي لكل من يشتكي اليها بل ويوفر كذلك محكمة عليا تحاكم الناس والمحاكم والسلطة التنفيذية أن هم (الناس والمحاكم) أخترقوا الدستور أو أساءوا تفسيره، أكان المشتكى عليه مواطنا أو محكمة في بغداد أو الديوانية او حتى في كركوك أو أربيل عاصمة أقليم كردستان الذي يعامله العالم كدولة مستقلة وان لم يٌعلن أستقلالها جهارا نهارا!

وفي العراق أيضا شرطة متعددة الأغراض وجيش بفروعه الأربعة وأجهزة أمنية لا تعد ولا تٌحصى يقدر عددها بحوالي عشرة أجهزة معروفة وبعضها مستتر لا يظهر الا وقت الحاجة اليه كالحشد الشعبي ليتم تقنينه فيصبح قانوني القول والفعل.

وفي العراق اليوم تكفل الدولة حق “الزيارة” و”الحج” لكل المزارات المشرّفة في النجف وكربلاء وهي مستمرة في ذلك مع أن أعدد القتلى كل عام في تزايد نتيجة أعمال العنف التي يمكن أعتبارها تهديد قائم دائما رغم كل الأحتياطات الأمنية! وفي العراق ايضا دور أفتاء دينية لكل المذاهب وتفتي في كل شئ من دوران الآرض الي حساب القبر. وفيه ايضا دور أعلامية وصحف وتلفزيونات ووسائل تعبير تكاد تكون متاحة للجميع وبدون أستثناء.

وأقتصاديا يجني العراق يوميا قرابة 260 مليون دولر من عوائد النفط ــ اي ان لكل عراقي قرابة 1184 دينار يوميا ويحتل العراق المرتبة 58 في قائمة الدول المديونة خارجيا بدين يبلغ حوالي 73 مليار دولر اي ان نصيب الفرد من الدين أكثر من 2 مليون دينار عراقي.

وبسبب هذا كله أو بالرغم منه يعيش حالة ديمقراطية لم يسبق له أن عاشها منذ عصر الخلافة العباسية في بغداد وبالرغم من أحتلاله من قبل أمريكا منذ 15 عاما الا ان له اليوم حكومة منتخبة يقودها عراقيون ومشرعون عراقيون انتخبهم بعض من 38 مليون نسمة ويخضعون للدستور وقواعد اللعبة الديمقراطية الحزبية في أبهى صورة ممكنة للديمقراطية التي وضع أسسها بول بريمر كأول حاكم أجنبي لأول قوة أحتلال في الألفية الثالثة ــ عقودا بعد ان تمت تصفية أخر جيوب الأحتلال العسكري في أفريقيا بأنتهاء الاحتلال الأثيوبي لأرتريا عام 1993!

و لا يمكن ان يطعن احد في الديمقراطية العراقية التي أستوردها بريمر معه وزرعها بين نخيل العراق فأينعت دما وأتمرت جتثا وكأن الموت قد تعاقد مع العراق على زيارته كل يوم أن لم يكن في سوق الخضار ففي المزارات المشرّفة وان لا ففي المقاهي!
وبالرغم من هذه الديمقراطيىة البيّنة والمردود المالي الضخم من النفط فأن العراق دولة هشة عسكريا ومشتتة داخليا وضعيفة خارجيا وتعجز عن الدفاع عن نفسها ويقضي مواطنوها ساعات طوال في الظلمة خاصة في الصيف بالرغم من ملايين براميل النفط التي ينتجها العراق يوميا من النفط!

والعراق اليوم لا يمتلك أستقلالية قراره السياسي الوطني وليس بأستطاعته اعلان الحرب أو السلم مع اي طرف أخر وهو عاجز عن أن يكون ربع ما كانه مثلا قبل أحتلاله على صعيد الآستقلال الوطني وسيادته على ترابه.

وكل الحكومات التي مرت بالعراق منذ العام 2003 تتميز بأنها ضربت أرقاما قياسية في الفساد ونهب الثروات وستحتاج ــ نيجيريا، وهي أكبر دول العالم فسادا، أو حتى جارته السعودية الأقرب الي نيجيرا في مرتبة الفساد ــ الي سنوات لتنافس العراق على هذه المكانة المتميزة. ويظل العراق بلد ديمقراطي بلا أدنى شك! “

المصدر / المقال منشور على صفحة الدكتور مصطفى الفيتوري على فيسبوك بتاريخ الثلاثاء 07/008/2018 .

الدكتور مصطفى الفيتوري يكتب “درس عراقي في الديمقراطية والسيادة “

Comments are closed.

نحن لا نقوم بجمع بياناتك ولا نقوم ببيعها، نحن فقط نستخدم بعض الكوكيز التي قد تساعدنا في تطوير الموقع او تساعدك فيي الحصول على الصفحات بشكل أفضل موافق/ة إقرأ المزيد