عبق نيوز| ألمانيا / برلين| أعرب زعيم المحافظين الذين فازوا في الانتخابات التشريعية الألمانية، الإثنين عن نيّته التعجيل في تشكيل حكومة في ظلّ التغيّرات الكبيرة التي تعصف بالعلاقات الأوروبية الأميركية.
وكشف فريدريش ميرتس رئيس “الاتحاد المسيحي الديموقراطي” أنه ينوي التواصل مع الاشتراكيين-الديموقراطيين، على أمل تشكيل تحالف حاكم متين الأسس يقوم على أكبر حزبين تقليديين في البلد.
وفي ظلّ صعود حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرّف، شدّد ميرتس على ضرورة أن تستجيب الأحزاب التقليدية لمخاوف الناخبين الذين باتوا يختارون الأحزاب المتطرّفة، معتبرا أن النتيجة التي حقّقها “البديل من أجل ألمانيا” بحوالى 20 % تشكّل “الإنذار الأخير للأحزاب السياسية الوسطية الديموقراطية في ألمانيا”.
وأعرب ميرتس الذي من المرتقب تعيينه مستشارا فدراليا عن أمله في تشكيل حكومة في غضون شهرين كي يتسنّى لبرلين التحرّك مجدّدا على الساحة الأوروبية والدولية بعد أشهر من الشلل جراء انهيار الائتلاف الحكومي بزعامة أولاف شولتس في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر.
وأقصى الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوروبا وأوكرانيا من محادثات أطلقها مباشرة مع روسيا لإنهاء الحرب وأعرب عن نيّته إعادة النظر في التعهدات الأميركية المقبلة في سياق حلف شمال الأطلسي (الناتو).
واعتمد ترامب السردية الروسية بشأن مسؤولية أوكرانيا المفترضة في اندلاع الحرب، مثيرا مخاوف في أوروبا من موافقته على شروط موسكو.
والإثنين، أكّد فريدريش ميرتس الذي لطالما دافع عن التحالف الأوروبي الأميركي على حرصه على صون العلاقات الجيّدة مع الولايات المتحدة لكن مع الكشف عن استعداده لـ”أسوأ الاحتمالات”.
وقال ميرتس غداة فوز حزبه في الانتخابات التشريعية الألمانية من مقرّ “الاتحاد المسيحي الديموقراطي” في برلين “كلّ المؤشّرات التي تلقّيناها من الولايات المتحدة تدلّ على تضاؤل الاهتمام بأوروبا بقدر ملحوظ”، لذا من الضروري الاستعداد لـ”أسوأ الاحتمالات إذا ما كانت الغلبة في الولايات المتحدة لهؤلاء الذين لا ينادون فحسب بـ+أميركا أوّلا+ بل بـ+أميركا وحدها+ تقريبا”، محذّرا من “وضع صعب” في هذه الحال.
– “بداية صعبة” –
وكشف ميرتس عن مكالمة “مطوّلة” مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأحد قبل توجّه الأخير إلى واشنطن للقاء دونالد ترامب.
وقال “ناقشنا المواضيع التي ينوي التطرّق إليها مع الرئيس الأميركي وأنا على توافق تام مع ما يريد قوله”.
ومع دخول الحرب في أوكرانيا عامها الرابع، تعهّد ميرتس بمواصلة دعم كييف التي قصدها زعماء أوروبيون الإثنين في الذكرى الثالثة للغزو الروسي.
وفي الانتخابات التي أقيمت الأحد، تغلّب تحالف “الاتحاد المسيحي الديموقراطي” وحزبه التوأم في بافاريا “الاتحاد المسيحي الاشتراكي” على الحزب الاشتراكي-الديموقراطي بزعامة أولاف شولتس الذي حقّق أدنى نتيجة له في الانتخابات مع 16 % من الأصوات وحزب الخضر (11 %).
ومن المرتقب أن يجري المحافظون محادثات أولى مع الاشتراكيين-الديموقراطيين لكن من دون شولتس الذي اعتذر أمام أنصاره عن الفشل “المرير” والذي من المرتقب أن يبقى على رأس حكومة تصريف الأعمال لغاية تشكيل حكومة جديدة.
وبعد حملة انتخابية شديدة الاستقطاب، باتت مهمّة ميرتس تقضي بإجراء مفاوضات شاقة لإرساء أسس الائتلاف الحكومي.
وقالت كورنيليا فول من معهد “هيرتي سكول” في برلين “هي بداية صعبة للحكومة الألمانية العتيدة التي تنتظرها مهمّات شاقة إن على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي”.
وتابعت “لكن نأمل أن يتسنّى لألمانيا التحرّك بسرعة كي لا تضطر إلى أن تشاهد مكتوفة اليدين ترامب وبوتين وهما يرسمان ملامح المستقبل”.
– “مسألة وقت” –
أما حزب “البديل من أجل ألمانيا” المعروف اختصارا بـ”ايه اف دي”، فأشاد من جهته بفوز “تاريخي”. وحقّق تقدّما كبيرا في معقله في ألمانيا الشرقية الشيوعية سابقا بدفع من المخاوف بشأن الهجرة التي أجّجتها سلسلة من الهجمات ارتكبها مهاجرون في الفترة الأخيرة.
وتعهّدت كلّ الأحزاب الألمانية الكبيرة بإبقاء “البديل من أجل ألمانيا” خارج السلطة وعدم التعاون معه.
غير أن ميرتس أثار سخطا كبيرا واحتجاجات في الشارع خلال الحملة الانتخابية بقبوله تأييد “البديل من أجل ألمانيا” لتمرير مشروع قانون في البرلمان يشدّد كثيرا قواعد الهجرة.
واعتبر معارضوه وقتذاك أنه أسقط أحد المحرّمات القائمة في السياسة الألمانية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، غير أن ميرتس أكّد أنه لن يتعاون أو يحكم أبدا مع “البديل من أجل ألمانيا”.
والإثنين، حضّت زعيمة الحزب أليس فايدل التكتّلات التقليدية على التوقّف عن إقصاء “البديل من أجل ألمانيا”.
وقالت “لا يمكنهم إقصاء ملايين الناخبين، فهذا مخالف لمبادئ الديموقراطية. وينبغي لجدار النار أن يسقط… فما من ديموقراطية قائمة وفق الأصول لديها جدار من هذا النوع”.
وكتب أثرى أثرياء العالم إيلون ماسك الحليف الأقرب للرئيس الأميركي دونالد ترامب والذي أعرب عن تأييده لحزب “البديل من أجل ألمانيا” (ايه إف دي) على “اكس” أن “المسألة مسألة وقت قبل أن ينتصر ايه اف دي”.
ويتخوّف الكثير من الألمان من هذه الفرضية، شأنهم في ذلك شأن المعالج يورغ زايفرت (69 عاما) في برلين الذي أعرب عن “خيبة أمل كبيرة وامتعاض من صعود حزب البديل من أجل ألمانيا”، محذّرا من أن “أسوأ ما قد يحصل هو تحالف الاتحاد المسيحي الديموقراطي مع البديل من أجل ألمانيا”.
المصدر / وكالة الصحافة الفرنسية.
Comments are closed.