عبق نيوز| جنوب إفريقيا/ إسرائيل /فلسطين | تأمل جنوب إفريقيا بأن تعزز دعوى “إبادة” تاريخية رفعتها ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية موقعها على الصعيد الدولي وتساعد الحكومة على كسب الدعم داخليا قبل الانتخابات المرتقبة هذا العام.
سترسل بريتوريا عددا من أبرز محاميها إلى لاهاي من أجل مواجهة قانونية في محكمة العدل الدولية حيث تسعى لإجبار إسرائيل على وقف عملياتها العسكرية في غزة.
وقالت استاذة القانون الدولي في جامعة كيب تاون “إنه أفضل فريق.. يضم أشخاصا يملكون خبرة في القانون الدولي مع آخرين يُعرفون بمهارتهم خصوصا في الترافع أمام المحاكم”.
تعد الدعوى الأولى التي ترفعها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية في خطوة يشير محللون إلى أنها مدفوعة بأسباب تاريخية وسياسية.
لطالما كان حزب “المؤتمر الوطني الإفريقي” الحاكم داعما للقضية الفلسطينية التي يرى رابطا بينها وبين كفاحه ضد حكومة الأقلية البيضاء التي كانت تقيم علاقات تعاون مع إسرائيل.
وعُرف عن رمز الكفاح ضد الفصل العنصري نيلسون مانديلا قوله إن حرية جنوب إفريقيا “لن تكون مكتملة من دون حرية الشعب الفلسطيني”.
وقال الرئيس سيريل رامابوزا مخاطبا أنصار حزب المؤتمر الوطني الإفريقي هذا الأسبوع إن تعاليم مانديلا ألهمت التحرّك القضائي الأخير، معتبرا الأمر “قضية مبدأ”.
وأضاف “يتعرّض الشعب الفلسطيني اليوم للقصف والقتل.. يملي علينا الواجب الوقوف ودعم الفلسطينيين”.
لكن المحللين يرون أن أهداف الخطوة أبعد من ذلك.
يفقد حزب المؤتمر شعبيته قبيل الانتخابات التشريعية المقررة في وقت لاحق هذا العام في ظل اتهامات بالفساد وسوء الإدارة.
ومن شأن تبنيه موقفا مبنيا على أساس مبدئي في الساحة الدولية أن يساعده على صرف الانتباه عن المشاكل الداخلية، مع تصوير نفسه على أنه وفيّ لقيمه الأساسية.
وأوضحت ساره غون من معهد العلاقات بين الأعراق أن “المؤتمر الوطني الإفريقي يرى أن قضية محكمة العدل الدولية هي مسألة على صلة بالشرعية، أساس لاستعادة دوره البارز الذي خسره على مدى السنوات الثلاثين الماضية بسبب حكمه غير المستند إلى أي مبادئ بشكل متزايد”.
– “لفت انتباه الإعلام” –
تضم جنوب إفريقيا أكبر جالية يهودية في إفريقيا جنوب الصحراء، لكن عدد سكانها المسلمين أكبر، علما بأن جزءا منهم ينظرون إلى الدعوى بشكل إيجابي.
مع ذلك، لا يمثّل أتباع الديانتين غير أقلية صغيرة للغاية ولم يتضح بعد إن كانت الخطوة ستحظى بتأييد الأغلبية المسيحية المحافظة، بحسب غون.
دان عدد من الزعماء المسيحيين التحرّك كما فعل “مجلس النواب اليهود” في جنوب إفريقيا الذي وصفه بأنه “حيلة للفت انتباه الإعلام” واشتكى من تزايد معاداة السامية.
على الصعيد الدولي، يمكن للقضية أن تعزز موقع جنوب إفريقيا في أوساط شركائها الدبلوماسيين المقرّبين، بحسب غون.
وكعضو في “بريكس” التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين أيضا، ترى بريتوريا في المجموعة قوة مقابلة للنظام الدولي الذي يهيمن عليه الغرب.
ودعمت بشدة توسيعها مؤخرا لتضم إيران والسعودية وغيرهما.
تقدّمت بريتوريا بالدعوى ضد إسرائيل نظرا إلى أن البلدين وقّعا على اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية التي وضعت عام 1948 ردا على المحرقة.
لكن جنوب إفريقيا ليست من بين أكثر من 70 دولة تعترف بـ”الاختصاص القضائي الإلزامي” لمحكمة العدل الدولية وتقبل بسلطتها على أنها ملزمة.
تعود القضيتان الوحيدتان اللتان سبق وكانت طرفا فيهما إلى الستينات في عهد نظام الفصل العنصري وكانت حينها طرفا مدعى عليه.
– فريق قانوني من الصف الأول –
يضم فريقها القانوني جون دوغارد، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية والمنضوي في شركة “دوتي ستريت تشيمبرز” التي تضم أيضا أمل كلوني.
كما أن المحامي المخضرم تيمبيكا نغوكايتوبي الذي تعامل مع قضايا سياسية داخلية شائكة بما في ذلك سجن الرئيس السابق جاكوب زوما من بين أعضاء الفريق.
وفي مذكرة تقع في 84 صفحة، حض المحامون القضاة على إصدار أمر لإسرائيل بـ”تعليق عملياتها العسكرية فورا” في غزة، مشيرين إلى أن إسرائيل “انخرطت وتنخرط وتواجه خطر الانخراط أكثر في أعمال إبادة”.
أشار معلّقون متخصصون في القضاء إلى أن الدعوى مُحكمة في صياغتها وتستند إلى مراجع دقيقة.
ردّت إسرائيل بغضب، إذ وصف الناطق باسم الحكومة إيلون ليفي القضية بأنها “تشهير سخيف”.
وفي ردّها على الهجوم الأكثر دموية في تاريخها الذي نفّذه عناصر حماس في السابع من أكتوبر، دمّرت إسرائيل بالكامل أجزاء كبيرة من قطاع غزة في عمليات قصف مكثّفة.
وأسفر هجوم حماس عن مقتل حوالى 1140 شخصا في إسرائيل معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وأما الرد الإسرائيلي العسكري، فأدى إلى مقتل أكثر من 23 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة في غزة.
تبدأ جلسات الاستماع في محكمة العدل الخميس ويتوقع صدور قرار في غضون أسابيع.
وبينما تعد قراراتها ملزمة، لا تملك محكمة العدل طريقة لفرضها فيما يتم تجاهلها تماما في بعض الأحيان.
المصدر/ وكالة الصحافة الفرنسية.
Comments are closed.