عبق نيوز| بولندا / واسو | احتفلت المعارضة الليبرالية في بولندا الاثنين بنتائج استطلاعات الرأي التي أظهرت فوزها بأغلبية برلمانية في الانتخابات التي جرت نهاية الأسبوع، وهو انتصار سيمهد في حال تأكيده الطريق لتغيير كبير بعد ثماني سنوات من حكم الحزب القومي.
تأتي النتيجة المفاجئة للاستطلاع بعد الخروج من مراكز الاقتراع بعد أن قام حزب القانون والعدالة الشعبوي الحاكم، بقيادة السياسي المخضرم ياروسلاف كاتشينسكي، بإنفاق الكثير من موارد الدولة في حملة عدت إلى حد كبير غير عادلة.
ووصفت المعارضة الانتخابات البرلمانية الأحد بأنها “الفرصة الأخيرة” لإنقاذ الديموقراطية في البلد الواقع في شرق أوروبا والعضو في الاتحاد الأوروبي.
شهد الاقتراع إقبالا قياسيا، متفوقا حتى على أول انتخابات حرة بعد سقوط الشيوعية.
أعلن رئيس الاتحاد الأوروبي السابق دونالد توسك فوزه بعد أن توقعت استطلاعات الرأي فوز الائتلاف المدني الذي يقوده وحزبين صغيرين آخرين بأغلبية في البرلمان.
وأعلن في وقت متأخر من مساء الأحد أن “الديموقراطية انتصرت”، قائلا إن حقبة “قاتمة” قد انتهت.
ورحب العديد من الناخبين في العاصمة وارسو، حيث يقل تأييد القوميين تقليديا، بالنتيجة بحذر. وقالت ناتاليا سيدليك البالغة 20 عاماً “هناك أمل كبير في أن يتغير شيء ما”.
وأضافت أنّ فوز المعارضة سيكون خطوة في “الاتجاه الأفضل”.
أظهر استطلاع إبسوس عند خروج الناخبين من مراكز الاقتراع أن الائتلاف المدني بزعامة توسك قد يفوز بـ 163 مقعدا في البرلمان المؤلف من 460 مقعدا.
وبات من المتوقع أن يفوز حزبان صغيران، الطريق الثالث واليسار، بـ55 و30 مقعدًا تواليا.
وهي النتائج التي من شأنها أن تمنح الأحزاب الثلاثة معًا أغلبية 248 مقعدا.
ودعمت التوقعات المستندة إلى النتائج الأولية الاثنين نتائج استطلاع الخروج من مراكز الاقتراع.
– “سعيدة للغاية” –
على مدى ثماني سنوات، وضع حزب القانون والعدالة بولندا على مسار تصادمي مع الاتحاد الأوروبي، مع تبنيه إصلاحات قضائية مثيرة للجدل، ورفض استقبال المهاجرين وسياسات متشددة مناهضة الإجهاض.
وزاد حزب القانون والعدالة من خطابه القومي في حملته، حتى أنه دخل في خلاف مع جارته التي مزقتها الحرب أوكرانيا، رغم التضامن البولندي الضخم لمساعدة كييف في مواجهة الغزو الروسي.
شغل توسك منصب رئيس وزراء بولندا بين عامي 2007 و2014 ومنصب رئيس المجلس الأوروبي بين عامي 2014 و2019.
وتعهد باستعادة العلاقات مع بروكسل إذا عاد إلى السلطة وتشريع الإجهاض، وهو نقطة خلاف رئيسية في الدولة الكاثوليكية.
واصطف العديد من الناخبين البولنديين في وقت متأخر من مساء الأحد للإدلاء بأصواتهم في ما وصفته جميع الأحزاب بأنها أهم انتخابات منذ سقوط الشيوعية.
وقالت المهندسة المعمارية ألكسندرا ميتليفيتش البالغة 33 عاماً “أنا سعيدة للغاية وأعتقد أن بولندا ستصبح أخيراً أقرب إلى أوروبا”. وأشارت إلى أهمية حقوق المرأة بالنسبة لها في قرارها لمن تدلي بصوتها.
وكان حزب القانون والعدالة قدّم رؤية كاثوليكية متشددة للنساء البولنديات.
ورغم ذلك لا تزال هناك أسئلة عدّة حول من سيتولى السلطة في صباح اليوم التالي للتصويت.
وأعرب بولنديون آخرون دعموا المعارضة عن مواقف أكثر حذراً.
وقال رجل الأعمال كارول غيدلينسكي (42 عاما) “لدي فضول لمعرفة ما سيحدث بعد ذلك وكيف سيتصرف مَن سيتولون السلطة”، مضيفا أنه “بعيد كل البعد عن البهجة”.
وأوضح غيدلينسكي أنّه يصعب عليه تخيل توسك يقود بولندا مجددا. وقال “بالنسبة لي، هو شخصية من الماضي”.
– بريق من “الأمل” –
ولا يزال الكثير يعتمد على الرئيس أندريه دودا. إذ يلفت محللون إلى أن أي ائتلاف حاكم تشكله المعارضة قد يواجه خلافات مع الرئيس، حليف حزب القانون والعدالة.
وفي الوقت نفسه، بدا حزب القانون والعدالة صامدا واعتبر أنه هو الذي حقق الفوز في الانتخابات إذ بدا أن الحزب حصل على أكبر عدد من الأصوات. وأوضح كاتشينسكي إنه ما زال لديه “الأمل” في أن يتمكن من تشكيل الحكومة.
وقال في وقت متأخر الأحد مع نشر استطلاع للرأي أظهر فوز المعارضة “هذا ليس طريقا مسدودا في الوقت الراهن”.
وكان الشريك الأكثر ترجيحاً لائتلاف حزب القانون والعدالة هو حزب الكونفدرالية، وهو حزب يميني متطرف دعا إلى إنهاء المساعدات البولندية واسعة النطاق لأوكرانيا وقام بحملة تعتمد على برنامج مناهض بقوة للمهاجرين. لكن حزب الكونفدرالية استبعد علانية الدخول في هذا التحالف، الذي رجّح بعض المحللين عدم حدوثه بسبب التوترات المتصاعدة بين الحزبين.
اتسمت الحملة الانتخابية بشن الحزب الحاكم هجمات شخصية على توسك بتهمة العمل لمصلحة ألمانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي.
كما صعّد حزب القانون والعدالة من خطابه المناهض للمهاجرين، حيث قال رئيس الوزراء ماتيوس مورافيتسكي إنه يجب حماية البلاد من المهاجرين غير الشرعيين “الذين لا يحترمون ثقافتنا”.
تتابع أوكرانيا ومؤيدوها الغربيون من كثب نتائج الانتخابات البولندية علمًا أن بولندا كانت من أبرز الداعمين لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، واستقبلت مليون لاجئ أوكراني، ولكن بات هناك تملل متزايد بين العديد من البولنديين.
المصدر/ وكالة الصحافة الفرنسية.
Comments are closed.