عبق نيوز| ايطاليا / روما| أكد رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الأربعاء أنه مستعد للاستمرار في منصبه شرط أن تجتمع أحزاب ائتلافه الحكومي حول “ميثاق ثقة” بعدما باتت الحكومة مهددة جراء انسحاب حركة “خمس نجوم” الأسبوع الماضي.
وكان دراغي قد تولى رئاسة حكومة “وحدة وطنية” في مطلع العام 2021 مهمتها التصدي للجائحة والأزمة الاقتصادية التي نجمت عنها. لكنّه قدّم في 14 يوليو استقالته لرئيس الجمهورية سيرجو ماتاريلا الذي سارع لرفضها.
واعتبر دراغي أن حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها وتضم أطيافا تراوح من اليسار وصولا إلى اليمين المتطرف، لم تعد شرعية بعد مقاطعة حركة خمس نجوم التي تشهد خلافات في صفوفها وتدهورا في شعبيتها، في اليوم نفسه تصويتا على الثقة في مجلس الشيوخ.
وكان خطاب دراغي أمام مجلس الشيوخ الأربعاء مرتقبا بشدة، وسط تخوّف من أن يصر على استقالته، لكنّه أشار إلى أنه سيبقى في المنصب شرط توحيد صفوف ائتلافه بما يتيح تجنّب انتخابات مبكرة.
وأكد دراغي في خطابه أمام مجلس الشيوخ أن “الحل الوحيد، إذا كنا لا نزال نريد البقاء معا، يكمن في إعادة بناء هذا الميثاق من أساساته، بشجاعة وتفان ومصداقية”، مضيفا “هذا ما يطالب به الإيطاليون”.
ودراغي حاكم سابق للمصرف المركزي الأوروبي، وتظهر الاستطلاعات أن ثلثي الإيطاليين يتمنّنون أن يبقى “سوبر ماريو” على رأس الحكومة.
– تصويت على الثقة –
ومن المقرر إجراء تصويت على الثقة في مجلسي البرلمان، بدءا بمجلس الشيوخ الأربعاء ومن ثم في مجلس النواب الخميس بما يتيح توضيح الصورة بعد الأزمة التي نجمت عن انسحاب حركة “خمس نجوم” خلال تصويت مفصلي في مجلس الشيوخ.
من جهة أخرى، أبدى دراغي انفتاحا على حركة “خمس نجوم” التي تدافع بشراسة عن مدخول الحد الأدنى المعمم الذي يريد اليمين إلغاءه، معتبرا أنه “مهم للحد من الفقر” و”يمكن تحسينه”.
كذلك تطرّق إلى تدبير آخر تعتبره الحركة أساسيا وهو الحد الأدنى للأجور قائلا “علينا المضي قدما في هذا الاتجاه”.
وشدد دراغي على أن “إيطاليا قوية بوحدتها”، مضيفا أن التحديات المحلية من إنعاش اقتصادي ومكافحة التضخم وإيجاد وظائف، والخارجية من تحقيق الاستقلالية على صعيد الطاقة والحرب في أوكرانيا، التي تواجهها إيطاليا والاتحاد الأوروبي “تتطلب حكومة تكون حقا قوية ومتضامنة وبرلمانا يواكبها عن قناعة”.
وبدا المصرفي البالغ 74 عاما والذي لم يتولَّ سابق اي منصب سياسي، حازما مع الأحزاب السياسية بقوله “إيطاليا ليست بحاجة إلى ثقة صورية تختفي أمام تدابير صعبة يتعيّن اتّخاذها”.
ووجّه سؤالا مباشرا إلى الأحزاب والبرلمانيين قائلا “هل أنتم مستعدون لإعادة بناء هذا الميثاق؟ هل أنتم مستعدون للتأكيد على هذا الجهد الذي بذلتموه في الأشهر الأولى والذي ضعف لاحقا؟”.
وأكد دراغي أن “كل الإيطاليين” يريدون “إجابة على هذا السؤال”.
– “العصا والجزرة” –
واعتبر فرانشيسكو غالييتي مؤسس مركز الأبحاث “بوليسي سونار” في تصريح لوكالة فرانس برس أن “دراغي كان قاسيا جدا لكنّه اعتمد نوعا ما سياسة العصا والجزرة”، مضيفا “أراد دراغي سحب البساط من تحت حركة خمس نجوم”.
وكما كان متوقعا سارع الوسط واليسار إلى دعم دراغي. وجاء في تغريدة أطلقها زعيم الحزب الديموقراطي (يسار) إنريكو ليتا “إذا كنا مقتنعين في الأيام الأخيرة بتحديد الثقة بحكومة دراغي، بتنا أكثر قناعة بعدما استمعنا له”.
وقال زعيم الفصيل الوسطي “إيطاليا فيفا” رئيس الوزراء الأسبق ماتيو رينزي “لقد استمعت، سنصوت لصالح منح الثقة”.
لكن الصمت بقي مخيما على معسكر “فورتسا إيطاليا”، الحزب اليمين بزعامة رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلوسكوني وحزب الرابطة، الفصيل اليميني المتطرف للزعيم الشعبوي ماتيو سالفيني. ويرفض الفصيلان الاستمرار في ائتلاف مع حركة خمس نحوم.
وأيا تكن النتائج، تعتبر وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن الأوضاع تعكس “ضبابية سياسية كبرى حتى وإن تم تجنيب البلاد انتخابات مبكرة”، ما يزيد من صعوبة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والمالية.
وتحضّ بروكسل وشركاؤها الأوروبيون دراغي، الذي يشكل ضمانة للاستقرار، على البقاء في منصبه. ودافع عنه رئيس الوزراء الإسباني بدرو سانشيز في مقالة في صحيفة بوليتيكو بعنوان “أوروبا بحاجة إلى قادة على غرار ماريو دراغي”.
وتترقب الأسواق الأوضاع عن كثب، فمجرد احتمال تنحي رئيس الحكومة أجج المخاوف من ارتفاع كلفة الديون الإيطالية ما من شأنه أن تكون له تداعيات خطيرة على منطقة اليورو.
وكان الدين العام الإيطالي محط أنظار الأسواق عندما أعلن المصرف المركزي الأوروبي في حزيران/يونيو أنه يعتزم رفع معدّلات الفائدة.
المصدر/ وكالة الصحافة الفرنسية.
Comments are closed.