عبق نيوز| مصر/ القاهرة| يوحي وجود موسيقيين وجمهور في صالة مسرح “مكان” المخصصة للعروض الأدائية في وسط القاهرة، بأن ما يجري حفلة موسيقية تقليدية، لكنه ليس كذلك، إذ تختلط الأرواح مع الحضور، وتحت الأضواء الخافتة تغني أم سامح لعلاج المرضي وتخليصهم مما تفعله بهم الشياطين، في ما يُعرف بالزار.
انتقل الزار الى مصر قبل قرون عدة من اثيوبيا والسودان، وانتشر في كل ربوع شمال إفريقيا. وتختلف الأسماء والآلات الموسيقية المستخدمة، لكنّ الهدف واحد، وهو إخراج الجن والأرواح الشريرة من أجساد ضحاياها، وفقا للمعتقدات السائدة.
تقليديا، كان هذا الطقس يستمر أياماً عدة ويتطلب التضحية بحيوانات. ولكن في “مكان”، لا دماء تسيل. بل يقدم الموسيقيون نسخة محدثة من الزار تبهر المصريين الشغوفين بالتراث، والسياح الذين يكتشفون طقس طرد الأرواح الشريرة.
ويتمايل الجمهور مع الإيقاع مستمتعاً بصوت أم سامح ومأخوذاً بنظرات عينيها المكحلتين.
– “نظرة اشمئزاز”-
ويشرح أحمد المغربي مؤسس “مزاهر”، وهي آخر فرقة موسيقية موجودة متخصصة في تقديم الزار على المسرح، أن “هذا الطقس القديم جدا مرتبط بالشفاء فهو نوع من العلاج”.
في عام 2000 افتتح المغربي “مركز مكان” للمحافظة على “هذا التراث وإنشاء سجل تاريخي للموسيقى الشعبية المصرية”.
ويوضح الرجل ذو الشعر الرمادي أنه أراد أيضا أن يعيد للزار قيمته كفن أصيل في مواجهة انتقادات رجال الدين الذين يرفضونه والسلطات التي تريد القضاء على التقاليد الريفية والانتقال الى الحداثة.
ويلاحظ المغربي أن “المجتمع الشرقي والمصري ينظر باشمئزاز الى كل ما هو محلي”.
ولذلك، كاد جمهور “مزاهر” أن يكون بأكمله من الأجانب عندما انطلقت قبل 22 عاما، على ما يقول مؤسس الفرقة.
ويذكّر بأن المصريين الذين كانوا يحضرون العرض كانوا يندهشون كون الزار الذي تقدمه الفرقة “يخلو من الدم ومن الجن”.
– ليس دجلا ولا شعوذة –
وتقول أم سامح البالغة الثانية والسبعين، وهي المغنية الرئيسية “لسنا دجالين ولا مشعوذين”.
وتضيف الشابة المصرية التي ترتدي ملابس أنيقة “الزار جزء من تاريخنا وتراثنا، أمر غريب ألا نعرف ذلك”.
المصدر / وكالة الصحافة الفرنسية.
Comments are closed.