عبق نيوز| أفغانستان / كابول | شدّدت حركة طالبان القيود التي تفرضها على حرية النساء في أفغانستان، وأمرتهنّ السبت بتغطية وجوههن في الأماكن العامة، والأفضل عبر ارتداء البرقع، في قرار انتقدته بشدة نشاطات نسويات.
وجاء في مرسوم صادر من زعيم الحركة هبة الله اخوند زاده كشفت عنه سلطات حركة طالبان أمام الصحافيين في كابول “ينبغي عليهن وضع التشادري (تسمية أخرى للبرقع) تماشيا مع التقاليد”.
وأضاف المرسوم أن النساء المتوسطات العمر “ينبغي أن يغطينَ وجوههنّ باستثناء العينين بما تنص عليه أحكام الشريعة عندما يلتقين رجالا من غير المحرمين”.
وأَضاف المرسوم انه “يفضل أن تلازم النساء المنزل” إذا لم يكن لديهن عمل مهم في الخارج.
ويعدد المرسوم أيضًا العقوبات التي يواجهها أرباب العائلات الذين لا يفرضون على نساء أسرهم ارتداء الحجاب مع تغطية الوجه.
وسيُكتفى بتوجيه إنذار عن أول مخالفتين، لكن من يرتكبن مخالفة للمرة الثالثة سيعاقبن بالحبس ثلاثة أيام، ومن يرتكبنها للمرة الرابعة ستتم إحالتهن على القضاء.
أما الموظفات في الدوائر الحكومية فسيتم تسريحهن فورا إن لم يرتدين الحجاب الشرعي مع غطاء الوجه.
وقالت ناشطة في الدفاع عن حقوق النساء مقيمة في أفغانستان مشترطة عدم كشف هويتها إن “الإسلام لم يفرض التشادري على الإطلاق”.
وتابعت “بدلا من التقدم يعود طالبان إلى الوراء. يتصرفون على غرار ما فعلوا إبان أول نظام حكم أرسوه، إنهم اولئك الذين كانوا في الحكم قبل عشرين عاما أنفسهم”.
– النكث بالوعود –
وجاء في تغريدة أطلقتها موسكا داستاغير وهي أستاذة سابقة في الجامعة الأميركية في أفغانستان انتقلت للإقامة خارج البلاد “نحن أمة محطمة، تتعرّض لاعتداءات لا قدرة لنا على فهمها. نحن شعب محطّم”.
ونددت الولايات المتحدة بهذه القيود الجديدة. وقال متحدث باسم الخارجية الاميركية السبت إن بلاده “قلقة للغاية (وتخشى) القضاء على حقوق النساء والفتيات الافغانيات والتقدم الذي أحرز على هذا الصعيد خلال الاعوام العشرين الاخيرة”.
كذلك، دانت الامم المتحدة القرار. واعتبرت البعثة الاممية للمساعدة في افغانستان في بيان أنه “يتنافى وضمانات عدة تتصل بحماية حقوق الانسان لجميع الافغان”، أعطاها ممثلون لطالبان للمجتمع الدولي في الاعوام الاخيرة.
ومنذ عودة طالبان إلى الحكم في منتصف أغسطس الماضي، نشرت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر توصيات عدة بشأن طريقة لباس النساء. لكن هذا أول مرسوم بهذا الشأن يصدر على المستوى الوطني.
وكانت الحركة فرضت على النساء حتى الآن وضع الحجاب الذي يغطي الرأس لكن يترك الوجه ظاهرًا. لكنها كانت توصي بشدة بارتداء البرقع الذي سبق أن فرضته خلال فترة حكمها الأولى بين 1996 و2001.
وخلال هذه الفترة، حرمت الحركة المتشددة النساء من كافة حقوقهنّ، بموجب تفسيرها المتشدد للشرعية الإسلامية.
وكان موظفون في وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجلدون كل امرأة يجدونها لا ترتدي البرقع.
– الاعتراف الدولي عملية معقدة –
بعد عودتها إلى الحكم إثر حرب استمرّت 20 عامًا مع الولايات المتحدة وحلفائها الذين سبق أن طردوها من السلطة عام 2001، وعدت طالبان بأن تكون أكثر ليونة هذه المرة.
إلا أنها نكثت بوعودها سريعًا، فانتهكت مرة جديدة الحقوق تدريجًا وقضت على الحريات التي اكتسبتها النساء خلال العشرين سنة الماضية.
وباتت النساء مستبعدات إلى حدّ بعيد عن الوظائف العامة ومُنعنَ من السفر إلى الخارج أو لمسافة بعيدة داخل البلاد ما لم يكنّ بصحبة محرم.
وفي مارس، أثارت طالبان غضبًا دوليًا بإغلاقها كل المدارس الثانوية المخصصة للفتيات بعد ساعات من السماح بإعادة فتحها للمرة الأولى منذ استيلائها على السلطة.
وفرضت الحركة أيضًا الفصل بين النساء والرجال في الحدائق العامة في كابول، مع تحديد أيام الزيارة المسموح بها لكلّ من الجنسين.
ومن شأن القرار المنشور السبت أن يعقّد بشكل أكبر مساعي طالبان لانتزاع اعتراف دولي بشرعية حكمهم، علما بأن المجتمع الدولي يربط الأمر بشكل مباشر باحترام حقوق النساء.
وقال المحلل الباكستاني امتياز غول في تصريح لفرانس برس “إنها خطوة غير متوقعة إلى الوراء، لن تساعد طالبان على انتزاع اعتراف دولي بشرعية حكمها. لن تؤدي خطوات كهذه إلا إلى تقوية المعارضين لها”.
في العقدين الأخيرين، اكتسبت الأفغانيات حريات جديدة فعُدنَ إلى المدارس وتقدّمنَ للحصول على وظائف في كل القطاعات، رغم أن البلاد بقيت محافظة اجتماعيًا.
وحاولت نساء بعد عودة الحركة إلى الحكم، المطالبة بحقوقهنّ عبر التظاهر في كابول والمدن الكبيرة. لكنّ حركتهنّ تعرّضت للقمع بشكل وحشي واعتُقلت الكثير من الناشطات واحتُجز بعضهنّ لأسابيع عدة.
وترتدي النساء بشكل واسع البرقع في المناطق الأكثر عزلة ومحافظة في البلاد. وقبل عودة طالبان إلى الحكم، كانت الغالبية العظمى من الأفغانيات محجّبات، لكن بوشاح فضفاض.
المصدر/ وكالة الصحافة الفرنسية.
Comments are closed.