عبق نيوز|أوكرانيا/خاركيف| “حتى عندما لا تسكت الأسلحة لا تتوقف الموسيقى”: في خاركيف التي يقصفها الجيش الروسي يوميًا، أحيت مجموعة من الموسيقيين الأوكرانيين السبت حفلة للموسيقى الكلاسيكية أمام جمهور صغير ولكن شديد التأثر، لنسيان الحرب ولو لفترة قصيرة.
عزف ثلاثة موسيقيين على الكمان وعازف أخرى على آلة التشيلو وآخر على الباص أمام عشرات الأشخاص لمدة نصف ساعة في إحدى محطات المترو الرئيسية في ثاني مدن أوكرانيا، قرب الحدود الروسية.
تحت الأرض في منأى من القذائف والصواريخ البعيدة المدى، قام الموسيقيون الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 20 و35 عامًا بعزف النشيد الوطني ومقتطف للاوركسترا رقم 3 ليوهان سيباستيان باخ ومعزوفة بيانو للموسيقي التشيكي انطونان دفوراك وموسيقى فولكلورية أوكرانية شعبية.
ثم أدوا معزوفة لميروسلاف سكوريك – الملحن الأوكراني الذي توفي عام 2020 – غالبًا ما استخدمها الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مقاطع الفيديو الخاصة به ومنشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي.
أقيم الحفل الموسيقي القصير على درج رخام في محطة سادتها الأجواء التي تسود الكاتدرائيات، على مرأى من عدد من النازحين. وتعيش عشرات العائلات في المحطة منذ بداية الغزو الروسي في 24 فبراير هربًا من الحرب أو تنام في عربات قديمة متوقفة على الأرصفة.
وقال سيرغي بوليتوتشي مدير مهرجان خاركيف الموسيقي – أحد أكثر المهرجانات الموسيقية المرموقة في أوكرانيا – المسؤول عن هذه المبادرة التي نظمت في اليوم الذي كان يفترض فيه أن ينطلق هذا الحدث السنوي “عندما يعم الفرح قلوبنا يساعدنا ذلك في التغلب على الأوقات الصعبة”.
وأضاف انه على الرغم من دوي الأسلحة “الموسيقى تعلو فوقها”. وتابع “هذه الحفلة الموسيقية القصيرة رمز للنور الذي سينتصر على الظلمة، وللحقيقة التي ستنتصر على الكذب (…) كان التنظيم معقدا بعض الشيء بسبب الأوضاع الأمنية لكننا نجحنا!”.
– “أن أكون مفيدا لبلدي” –
حضر الحفل حاكم منطقة خاركيف أوليغ سينيغوبوف ورئيس بلدية المدينة إيغور تيريخوف مع مرافقيهما المسلحين.
وقال تيريخوف “قبل شهر لم نكن نتخيل أن يتمكن جنودنا ومواطنونا من حماية المدينة جنبًا إلى جنب (…) في أوقات الحرب نعمل جميعًا معًا من أجل تحقيق النصر، وهذا الحفل يثبت أننا على الطريق الصحيح”.
بين الموسيقيين الخمسة، عازف التشيلو المحترف دنيس كاراشيفتسيف الذي أظهرته مقاطع فيديو انتشرت على المنصات الاجتماعية في الايام الاخيرة وهو يعزف أمام المباني التي دمرتها القنابل في خاركيف.
وصرح لوكالة فرانس برس “كانت مجرد فكرة لكي أكون مفيدا لشعبي وبلدي ومدينتي. أحب هذه المدينة وسكانها. سأفعل أي شيء يمكنني القيام به للمساعدة”.
وأضاف “أخبرني أشخاص أن مقاطع الفيديو التي صورتها جعلتهم يشعرون ولو للحظة بأن الحياة عادت إلى طبيعتها. إنه أمر مهم في الوقت الراهن (…) لسنا خائفين، نحن أقوياء ويمكن لكل فرد أن يساعد على طريقته”.
شارك موسيقيون أوكرانيون آخرون مقاطع موسيقية على مواقع التواصل الاجتماعي: عازفة الكمان فيرا ليتوفشينكو في ملجئها في خاركيف وعازفة البيانو إيرينا مانيوكينا في منزلها المدمر قرب كييف أو أعضاء أوبرا أوديسا أمام قاعتهم المحمية بأكياس الرمل.
وقالت تاتيانا شوخ أحد عازفي الكمان الثلاثة في الحفل الموسيقي القصير في خاركيف “جاء الجميع إلى منزلي لإجراء بروفة واحدة”.
واضافت “خلال الأيام الأولى للحرب شعرت بفراغ تام بداخلي. ثم أدركت أن علينا الاستمرار في العيش من أجل مُثلنا العليا ومن أجل بلدنا ومن أجل مستقبلنا”.
وتابعت “العزف على آلاتنا هو أفضل ما نؤديه في حياتنا وسنفعله في جميع الظروف”. وأضافت بابتسامة عريضة رغم تأثرها الشديد “ربما كانت أفضل حفلة موسيقية في حياتي”.
المصدر/ وكالة الصحافة الفرنسية.
Comments are closed.