عبق نيوز| ليبيا / طرابلس| بعد عقد من الفوضى، يشعر ليبيون بخيبة أمل جديدة في ظل تعثر عملية انتخابية علقوا عليها آمالا كبيرة، لكن لا يبدو أنها ستصل الى خواتيمها السعيدة في ظل كل الشكوك المحيطة بإجرائها في موعدها في 24 ديسمبر.
ويقول خالد التركي (25 عاما) لوكالة فرانس برس في طرابلس “لست متفائلا. هناك الكثير من الخلافات والتنافس بين المناطق ولست متأكدا من أنه سيتم قبول النتائج”.
في فبراير 2011، أسقط الليبيون بدعم من حلف شمال الأطلسي نظام معمر القذافي بعد انتفاضة استغرقت بضعة أشهر، وبعد أن حكم “قائد الجماهيرية” البلد منذ 1969. وشهدت ليبيا بعد ذلك انقسامات وخصومات مناطقية، ونزاعات على السلطة، وتصاعد نفوذ الميليشيات وازدادت التدخلات الخارجية.
في مارس، شكلت حكومة انتقالية بعد حوار بين الأطراف الليبيين رعته الأمم المتحدة. وتمّ تحديد الرابع والعشرين من ديسمبر موعدا لإجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية. ثم أرجئت الانتخابات التشريعية الى ما بعد إجراء الرئاسية. لكن قبل أقل من أسبوعين على الموعد، يشكك ليبيون في إمكان إتمام الانتخابات، بسبب الانقسامات السياسية العميقة التي لا تزال تغذيها التدخلات الأجنبية.
ويضيف التركي الموظف في المكتب المحلي لمنظمة دولية “لو كان هناك مرشح قادر على مسك الشعب الليبي كيد واحدة، كان يمكن أن نتفاءل، لكن الواقع ليس هكذا”.
وحرم الليبيون نتيجة الحروب والانقسامات من موارد بلدهم الهائلة لا سيما في مجال الطاقة. ودمرت البنية التحتية وأصبح الاقتصاد في حالة يرثى لها والخدمات ضعيفة.
ويتابع خالد التركي “يجب أن يكون الأمن هو الأولوية، ولا يمكن تحقيق أي هدف بدون فتح الملف الأمني”.
ويشاطره زميله آدم بن فايد الرأي قائلا “يجب أن تكون الأولوية للأمن، ولكن من أجل ذلك، يجب أن تكون كلمة الرئيس مسموعة من كل الشعب”.
ويأمل الشاب الليبي البالغ من العمر 25 عاما أن “تُحل مشاكل انقطاع الكهرباء ونقص السيولة والبنية التحتية”، لكنه يعتقد أنه “لا يوجد شخص يتوافق عليه الشعب الليبي بأجمعه”.
ويقول “لا نعرف إن ترشّح شخص معين ما ستكون عليه ردة فعل الأطراف الأخرى”.
ويبدو أكثر من أي وقت أن الانتخابات الرئاسية قد لا تُجرى في موعدها، خصوصًا بسبب الانقسامات حول الأساس القانوني لعملية الاقتراع والتأخير الكبير في تنظيم العملية.
– “المربع الأول” –
في هذا الوقت، تتواصل معاناة الليبيين. وتشهد طرابلس طوابير انتظار طويلة أمام البنوك، وتنتظر السيارات ساعات أمام محطات البنزين. وتراجعت قيمة الدينار الليبي، وارتفعت أسعار العقارات، وصار انقطاع الكهرباء يوميا. وفي غياب الكهرباء، تهتزّ المدينة على هدير المولدات. ولا تزال الرافعات الضخمة بعجلاتها الصدئة متوقفة قرب المباني غير المكتملة التي غزتها الأعشاب الطفيلية، في دليل على تعطّل الاقتصاد.
ويقول خليفة رمضان الناكوع “إذا تمت الانتخابات، نريد رئيسا يهتم بالفئة الفقيرة من الشعب، لا بالطبقة الغنية. نتمنى عدم انقطاع الكهرباء، لأننا دولة نفطية. نتمنى من الرئيس المنتخب أن يمسك الدولة والحكومة ويقوم بتوحيد جميع المناطق طرابلس وبنغازي وسبها” .
وطال العنف في السنوات الأخيرة قطاع النفط في بلد يحوي أكبر احتياطي من الذهب الأسود في إفريقيا، وصار يستعمل كورقة مقايضة. ووقعت معارك طاحنة بين يونيو 2019 و مارس 2020 بين الشرق والغرب.
ويقول عبد السلام المبروك (47 عامًا) “إذا تم تشكيل حكومة، يجب أن تكون أولويتها وضع دستور حتى إجراء الانتخابات التشريعية”.
ولا يوجد في ليبيا دستور منذ أن ألغاه الزعيم الراحل معمر القذافي عام 1969.
ويقول الموظف في وزارة المالية “لا يزال مصير الانتخابات غير معروف”.
في بنغازي في الشرق، المدينة التي انطلقت منها احداث عام 2011 تساور السكان الشكوك نفسها. وشهد مهد الثورة أعمال عنف تلتها تفجيرات ومعارك واغتيالات. في المدينة القديمة، تذكّر الجدران المثقوبة والمباني المدمرة بأن الحرب مرّت من هنا.
ويقول زكريا المحجوب (32 عاما) الموظف في مصلحة الأحوال المدنية “تفاءلنا بتوحيد السلطة التنفيذية، لكن رئيس هذه السلطة أخلّ بوعوده بأن يوحّد الليبيين، وها هو يتقدم للانتخابات الرئاسية. أنا لست متفائلا بالانتخابات الرئاسية، لأن كل من ترشح لها إما مشارك في إفساد المشهد أو هو شخصية مثيرة للجدل”.
ويضيف “حتى لو تمت هذه الانتخابات في موعدها – ولا أرى ذلك – هل سيقبل المتصارعون بنتائجها أم سنعود الى المربع الأول من الانقسام والاقتتال؟”.
المصدر/ فرانس برس العربية.
Comments are closed.