عبق نيوز| السودان/ الخرطوم| اعتقل عسكريون فجر الاثنين مسؤولين حكوميين وسياسيين في السودان على رأسهم رئيس الحكومة عبدالله حمدوك، وفق ما أفادت وزارة الإعلام، الأمر الذي وصفه أبرز تجمّع مناد بتسليم السلطة الى المدنيين بـ”الانقلاب”.
وعبّرت الولايات المتحدة عن “قلق عميق” إزاء ورود تقارير عن سيطرة الجيش على السلطة.
ويأتي ذلك بعد بروز الانقسامات منذ أسابيع بين مكوني السلطة المدنيين والعسكريين وانعكاسها في الشارع الذي انقسم أيضا بين مطالبين بحكومة عسكرية وآخرين يتمسكون بتسليم كامل السلطة الى المدنيين.
وأعلنت وزارة الإعلام في بيان نشر على صفحتها على “فيسبوك”، أن “قوة من الجيش اعتقلت رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ونقلته الى مكان مجهول”، “بعد رفضه تأييد الانقلاب”.
وكانت الوزارة ذكرت في وقت سابق أن “قوى عسكرية” اعتقلت “أغلب أعضاء مجلس الوزراء والمدنيين من أعضاء مجلس السيادة”.
وأوضح مصدر في وزارة الإعلام لوكالة فرانس برس أن وزير الإعلام حمزة بلول نفسه بين المعتقلين.
وكان مصدر حكومي أفاد في وقت سابق أن المسؤولين الحكوميين اعتقلوا “من مكان إقامتهم”.
ووصف تجمّع المهنيين السودانيين، أحد المحركين الأساسيين للانتفاضة التي أسقطت عمر البشير عام 2019، الاعتقالات بـ”الانقلاب”.
وفي بيان نشره على حسابه على “تويتر”، دعا التجمع الى “المقاومة الشرسة للانقلاب العسكري الغاشم”.
وناشد “الجماهير الخروج الى الشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس والإضراب العام عن العمل وأي تعاون مع الانقلابيين والعصيان المدني في مواجهتهم”.
وتابع “لن يحكمنا العسكر والميليشيات. الثورة ثورة شعب.. السلطة والثروة كلها للشعب”.
وتجمع عشرات المتظاهرين في بعض شوارع الخرطوم وقطعوا طرقا وأحرقوا إطارات احتجاجا.
– “لا لحكم العسكر” –
وقال هيثم محمد الذي كان يشارك في الاحتجاج “لن نقبل بحكم عسكري ونحن مستعدون لتقديم حياتنا حتى حصول الانتقال الديموقراطي في السودان”.
وقالت سوسن بشير “لن نترك الشارع الى أن تعود الحكومة المدنية والعملية الانتقالية”.
وأصدرت “نقابة الاطباء” التي شارك اعضاؤها أيضا بقوة في الانتفاضة التي قادت الى الإطاحة بالبشير في 2019، بيانا أعلنت فيه “الاستعداد التام لحماية الانتقال الديموقراطي والسلطة المدنية”. وأعلنت “الإضراب السياسي العام في كل مستشفيات السودان ما عدا الحالات الطارئة وأيضا الانسحاب من كل المستشفيات العسكرية”.
وقال البيان “ها نحن نعايش انقلاب المكون العسكري على السلطة المدنية”، مطالبا “كل القطاعات المهنية ولجان المقاومة بالتصعيد الثوري والخروج الى الشارع وإعلان الإضراب السياسي العام والعصيان المدني”.
وقال صحافيو وكالة فرانس برس إن محتجين يواصلون التوافد الى شارع الستين حيث نُظّمت التظاهرات الرئيسية المناهضة للعسكريين الخميس وبدأوا يهتفون ضد رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
على مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر هاشتاغ “#لا_للانقلاب” في السودان، و”#انقلاب_البرهان”، في إشارة الى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
وأطاح الجيش في العام 2019 بنظام عمر البشير الذي حكم السودان لأكثر من ثلاثين عاما بقبضة من حديد، بعد انتفاضة شعبية عارمة استمرت شهورا، وتسلّم السلطة. لكن الاحتجاجات الشعبية استمرت مطالبة بسلطة مدنية وتخللتها اضطرابات وفض اعتصام بالقوة سقط خلاله قتلى وجرحى.
في أغسطس 2019، وقّع العسكريون والمدنيون (ائتلاف قوى الحرية والتغيير) الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجب الاتفاق، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة في نهاية المرحلة الانتقالية.
وحصلت محاولة انقلاب في سبتمبر تم إحباطها، لكن قال المسؤولون على إثرها إن هناك أزمة كبيرة على مستوى السلطة.
وبرزت إثر ذلك الى العلن الانقسامات داخل السلطة، لا سيما بين عسكريين ومدنيين.
في منتصف أكتوبر، بدأ محتجون اعتصاما قرب القصر الجمهوري للمطالبة باستقالة حكومة حمدوك وتشكيل حكومة عسكرية.
وردّ أنصار الحكم المدني الخميس بتظاهرات شارك فيها عشرات الآلاف في الخرطوم ومدن أخرى طالبوا فيها بتسليم السلطة الى المدنيين، واتهموا العسكريين في السلطة بالوقوف وراء الاعتصام.
وجددت “قوى إعلان الحرية والتغيير” التي قادت الانتفاضة ضد البشير، السبت دعمها لحمدوك، وحذرت من “انقلاب زاحف”.
– انقطاع الانترنت –
وانقطعت خدمة الإنترنت تماما في البلاد، وفق ما ذكر صحافي في وكالة فرانس برس، مشيرا أيضا الى أن الهواتف المحمولة أصبحت تستقبل الاتصالات فقط ولا يمكن إجراء أي مكالمات من خلالها.
وقطع رجال بزي عسكري الطرق التي تربط وسط العاصمة السودانية بكل من خرطوم بحري وأم درمان، المدينتين المحاذيتين للعاصمة.
ويبث التلفزيون الرسمي السوداني الأغاني الوطنية، من دون اي تغطية لما يجري في البلاد.
أعربت الولايات المتحدة الاثنين عن “قلقها البالغ” حيال التقارير التي وردت عن سيطرة الجيش على السلطة في السودان.
وقال مبعوث واشنطن الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان في بيان على “تويتر”، “تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ حيال التقارير عن سيطرة الجيش على الحكومة الانتقالية”، مشيرا إلى أن ذلك “يتعارض مع الإعلان الدستوري (الذي يحدد إطار العملية الانتقالية) وتطلعات الشعب السوداني للديموقراطية”.
وأضاف “كل تغيير في الحكومة الانتقالية يعرض المساعدة الأميركية للخطر”.
وأزالت الولايات المتحدة في مطلع العام اسم السودان من لائحتها للدول الراعية للإرهاب، وتعهّدت في وقت لاحق بتقديم أكثر من خمسين مليون دولار كمساعدات الى الخرطوم.
وجاء ذلك بعد موافقة السودان على اتفاق لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
المصدر / فرانس برس العربية .
Comments are closed.