عبق نيوز| ليبيا / طرابلس| أثار فشل الحوار السياسي الليبي الأخير الذي استضافته جنيف حالة من التشاؤم حول التقدّم في اتجاه حل نهائي للأزمة في بلد غارق في الفوضى منذ أكثر من عقد، وقد يقوّض احتمال إجراء الانتخابات العامة في نهاية 2021.
والتقت 75 شخصية ليبية من كل الأطياف اختارتها الأمم المتحدة في إطار مسار مصالحة بدأ قبل أشهر في جنيف بين 28 يونيو والثاني من يوليو من أجل الاتفاق على آلية لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية المحدّدة في 24 ديسمبر. وكان يفترض أن يرفعوا خلاصاتهم الى البرلمان بحلول الأول من شيوليو.
وتناول الحوار وضع إطار دستوري لهذه الآلية في ظل عدم وجود دستور في ليبيا، إذ ألغاه الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي لدى وصوله الى السلطة في 1969.
وأفادت تقارير أن اجتماعات ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف كانت صاخبة، الى درجة دفعت بعض الأفرقاء المشاركين الى المطالبة بتأجيل الانتخابات.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية خالد المنتصر أن “الخلافات الأخيرة في حوار جنيف بشأن تمرير القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات، كانت متوقعة، كون بعض أعضاء الملتقى راهنوا على الوقت منذ البداية، ولم يكن بعضهم مقتنعا بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقل من عام من اختيار السلطة السياسية الموحدة”.
بعد التوصل الى اتفاق على وقف إطلاق النار بين شرق البلاد وغربها في أكتوبر، نجح ملتقى الحوار الليبي في الخامس من فبراير في تشكيل سلطة سياسية جديدة بحكومة موحدة يرأسها عبد الحميد الدبيبة، بولاية مؤقتة تنص على التحضير للانتخابات العامة.
ويوضح المنتصر لوكالة فرانس برس في هذا الصدد “انقسم أعضاء الحوار بجنيف إلى ثلاث فرق، الأول طلب تأجيل الانتخابات إلى العام المقبل، والفريق الثاني طالب بعقد انتخابات برلمانية فقط، بينما طالب الفريق الأخير بالالتزام بخارطة الطريق المتوافق بشأنها برعاية المجتمع الدولي بإجراء الانتخابات العامة (برلمانية ورئاسية) معاً”.
وأكد عضو في ملتقى الحوار السياسي لفرانس برس أن بعض الأعضاء يحاولون التنصل من تعهداتهم السابقة الداعمة لإجراء الانتخابات في موعدها.
وقال العضو مفضلا عدم الكشف عن اسمه “كان هناك توافق حول مقترح لقاعدة دستورية بشكل محدد تم الإعداد له منذ أسابيع، وكان الاتجاه نحو تمريره. لكن ومنذ بداية اجتماع جنيف، رفض بعض الأعضاء الموافقة عليه، وتقدموا بمقترحات بعضها يدفع نحو تأجيل الانتخابات”.
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة السبت الماضي فشل ملتقى الحوار السياسي الليبي في التوافق حول القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات.
وجددت التأكيد على رفض المقترحات التي لا تمهد الطريق وتُمكّن من إجراء الانتخابات في ديسمبر.
– مقترحات جديدة –
وقالت البعثة الأممية في بيان “قبل اجتماع ملتقى الحوار الليبي، عقدت البعثة اجتماعا للجنة الاستشارية للملتقى في نهاية حزيران/يونيو للنظر في المقترحات المقدمة وتقديم توصيات للجلسة العامة. وناقشت الجلسة العامة في سويسرا اقتراحا توفيقيا وضعته اللجنة الاستشارية بشأن وضع قاعدة دستورية للانتخابات”.
وأضافت “قدّم عدد من أعضاء الملتقى ثلاثة مقترحات أخرى، كان بعضها متسقا مع خارطة الطريق، وبعضها لا يتفق معها، وسعى البعض الآخر إلى وضع شروط مسبقة للوصول إلى تاريخ 24 ديسمبر”.وعن مصير القاعدة الدستورية، أكدت الأمم المتحدة تشكيل أعضاء الملتقى “لجنة توافقات” لإيجاد أرضية مشتركة ومحاولة ردم الهوة بين المقترحات.
ولم يحدّد موعد جديد لاستئناف الحوار، رغم تبقي أقل من نصف عام على موعد الانتخابات.
ويرى أستاذ القانون الليبي جلال الفيتوري أن كل هذه الخلافات “المعدة مسبقاً” تظهر حالة الاستقطاب الحاد السائدة بين اللاعبين الدوليين المؤثرين في المشهد الليبي.
ويقول لفرانس برس “ليس سراً أن الدول المحتكرة للملف الليبي في الاتجاهين، في غرب البلاد حيث القوى المدنية والجماعات المسلحة والتيارات الإسلامية، أو في شرقها أي القوى الداعمة لسلطة العسكر بقيادة المشير خليفة حفتر، مارست ضغوطاً جديدة على ممثليها في ملتقى الحوار بجنيف”.
ودعمت روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة المشير حفتر خلال حربه مع حكومة التوافق السابقة التي كانت تتخذ من طرابلس مقرا تلقى دعما من تركيا وقطر.
ويضيف الفيتوري “كل دولة تدعم طرفا معينا، بداية من شكل الانتخابات وصولا إلى شروط الترشح لها، وتسعى إلى رسم ملامح معينة لإيصال شخصيات محددة على رأس السلطة، وفرض وجودها بشكل أكبر في بلد أرهقته الحرب، ومقبل على مرحلة إعادة إعمار بمئات المليارات تسيل لعاب قوى إقليمية مختلفة”.
رغم ذلك، يعتبر أستاذ القانون أن هناك أملا باستئناف العمل على القاعدة الدستورية. ويقول “تعهد أعضاء ملتقى الحوار السياسي منذ اختيارهم، بشكل قاطع بإيصال ليبيا إلى مرحلة دائمة ومستقرة عبر الانتخابات، وبالتالي لن تنفع مناورتهم اليائسة بتعطيل القطار نحو الاستحقاق الانتخابي بعد أشهر”، مشيرا الى أن الأطراف الدولية “أيقنت أن الخيار السياسي هو البديل الوحيد عن العسكري الذي أثبت مراراً فشله في معالجة الأزمة الليبية”.
المصدر/ فرانس برس العربية.
Comments are closed.