عبق نيوز| الجزائر / العاصمة| أدلى ناخبون جزائريّون السبت بأصواتهم في إطار انتخابات تشريعيّة مبكرة رفضها الحراك المطالب بتغيير النظام وجزء من المعارضة على خلفيّة قمع متزايد من السلطات.
وكان هناك ترقّب لنسبة المشاركة، بعدما شهد الاستحقاقان الانتخابيّان السابقان (الاقتراع الرئاسي عام 2019 والاستفتاء الدستوري عام 2020)، نسبة امتناع غير مسبوقة عن التصويت بلغت 60% و76% على التوالي.
لكنّ الرئيس عبد المجيد تبون رأى في تصريح لصحافيّين بعد اقتراعه في مركز بسطاوالي في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، أنّ هذه النسبة “لا تهمّ”.
وقال “سبق أن قلتُ إنّه بالنسبة لي، فإنّ نسبة المشاركة لا تهمّ. ما يهمّني أنّ من يصوّت عليهم الشعب لديهم الشرعيّة الكافية لأخذ زمام السلطة التشريعيّة”.
وتابع “رغم ذلك، أنا متفائل من خلال ما شاهدته في التلفزيون الوطني أنّ هناك إقبالاً، خصوصاً لدى الشباب والنساء. أنا متفائل خيراً”.
ولم تكُن نسبة المشاركة حتى الساعة 16,00 (15,00 ت غ) قد تجاوزت 14,47 في المئة، حسب محمد شرفي.
وأغلقت مكاتب الاقتراع الساعة 20,00 (19,00 ت غ) بعد تمديد العملية لساعة.
وجرت عمليّة الاقتراع بهدوء في الجزائر العاصمة، حيث كان عدد الناخبين قليلاً. لكن سُجّل توتر في منطقة القبائل حيث كانت المشاركة شبه معدومة.
وقال نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي لفرانس برس إنّ “اعمال شغب” وقعت في بجاية و”الأجواء متوترة” في كثير من قرى البويرة.
وأوضح أنّ 17 مركز اقتراع فتحت أبوابهاً صباحا في بجاية من أصل 500، وفي الساعة 14,00 كانت كلّ المكاتب مغلقة.
وأورد منسّق السلطة الوطنية للانتخابات في تيزي وزو أنّ 136 مركز اقتراع و229 مكتباً أغلقت بسبب حوادث، بينها تخريب صناديق.
والمشاركة في منطقة القبائل شبه معدومة مع نسبة بلغت 0,79 في المئة في بجاية و0,62 في المئة في تيزي وزو، حسب أرقام رسميّة أوّلية.
وتحدّثت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، عن اعتقال العديد من الشبّان.
في العاصمة، قالت فتيحة، وهي تاجرة تبلغ نحو 50 سنة، لفرنس برس “أنا لم أنتخب من قبل، والشيء نفسه هذه المرّة. لا أعتقد أنّ الأمور ستتغيّر”.
أما حميد، الموظف الكبير البالغ 60 سنة، فقال “أنا انتخبت من أجل الاستقرار. المخاطر تحيط بنا والذين يرفضون الاقتراع لم يقدّموا أيّ بدائل واقعية”.
وهي أول انتخابات تشريعية منذ انطلاق حركة الاحتجاجات الشعبية السلمية غير المسبوقة في 22 شباط/فبراير 2019 رفضا لترشّح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. واضطرّ الأخير إلى الاستقالة بعد شهرين بعدما أمضى 20 عاما في الحكم.
وأفرج ليل السبت الأحد عن ثلاث شخصيات بارزة في الحراك: كريم طابو، وإحسان القاضي الذي يدير موقع “مغرب إيمارجون” و”راديو ام” القريب من الحراك، والصحافي خالد درارني الذي يتعاون مع الإذاعة ذاتها. وكان الناشطون أوقفوا الخميس.
-“استشرافات شيطانية”-
كان النظام يأمل بنسبة مشاركة تراوح بين 40 و50% على الأقلّ. وتبدو السلطة مصمّمة على تطبيق “خارطة الطريق” الانتخابيّة التي وضعتها، متجاهلة مطالب الشارع (دولة القانون والانتقال الديموقراطي والقضاء المستقل).
وعقب الإدلاء بصوته، أكّد وزير الاتّصال والمتحدّث باسم الحكومة عمار بلحيمر أنّ “نزاهة وشفافية الانتخابات ستكذّب الاستشرافات الشيطانيّة لمخابر الفوضى المدمّرة” التي تستهدف الجزائر.
ودعي نحو 24 مليون ناخب لاختيار 407 نوّاب جدد في مجلس الشعب الوطني (مجلس النواب في البرلمان) لمدّة خمس سنوات. وكان عليهم الاختيار بين 2288 قائمة – أكثر من نصفها “مستقلّة” – أي أكثر من 22 ألف مرشّح.
وهي أوّل مرّة يتقدّم فيها هذا العدد الكبير من المستقلّين ضدّ مرشّحين تؤيّدهم أحزاب سياسيّة فقدت صدقيّتها إلى حدّ كبير وحُمّلت مسؤوليّة الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تمرّ بها الجزائر مند حوالى 30 شهراً.
من جهة أخرى، قرّرت الأحزاب الإسلاميّة المرخّص لها، المشاركة في الاقتراع من أجل “المساهمة في القطيعة والتغيير المنشود”.
ويتوقّع بعض المحلّلين حصول هذه الأحزاب الإسلاميّة على غالبيّة نسبيّة في المجلس.
وترى مجموعة الأزمات الدوليّة أنّه “في سيناريو محتمل، قد تجتمع القوى السياسيّة المنبثقة عن هذه الانتخابات لتشكيل ائتلاف هدفه استمرار النظام”.
-“تصعيد مخيف”-
مع اقتراب موعد الانتخابات، حذّر رئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة من “أيّ مخطّط أو فعل يهدف إلى التشويش على سير” الاقتراع.
وسعت الحكومة التي يُنظر إليها على أنّها الواجهة المدنيّة للمؤسّسة العسكريّة، إلى كسر الحراك.
فقد منعت كلّ المسيرات وكثّفت الاعتقالات والملاحقات القضائيّة ضدّ المعارضين السياسيّين والناشطين في الحراك والصحافيّين المستقلّين والمحامين.
وتقول الحكومة إنّها استجابت للمطالب الرئيسيّة لـ”الحراك الأصيل” في “وقت قياسي”، ولم تعد هناك أيّ شرعيّة لناشطي الحراك السلمي، متّهمة إيّاهم بأنّهم في خدمة “أطراف أجنبيّة” معادية للجزائر.
ويقبع ما لا يقلّ عن 222 من سجناء الرأي خلف القضبان في الجزائر بسبب نشاطهم في الحراك أو الدفاع عن الحرّيات الفرديّة، بحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.
وعبّرت منظمة هيومن رايتس ووتش الجمعة عن أسفها لأنّ “وعود الرئيس تبون الفضفاضة بالانفتاح والحوار تتحطّم على صخرة واقع القمع في #الجزائر”، ودانت “التصعيد القمعي المخيف”.
وقال الرئيس الجزائري السبت “أعتقد أنّنا في الطريق الصحيح ما دمنا نتعرّض للهجمات من كلّ جانب، لأنّهم لن يرضوا بأن تدخل دولة مثل الجزائر، الديموقراطية من أبوابها الواسعة. أنا شخصيّاً، كرئيس وكمواطن، أؤمن إيماناً قويّاً بأنّ السلطة للشعب ويمارسها من خلال من ينتخبهم”.
المصدر / فرانس برس العربية .
Comments are closed.