عبق نيوز| لبنان / بيروت| كشفت مصادر سياسية لبنانية أن الكلمة التي ألقاها سعد الحريري في مجلس النواب السبت ووجه فيها اتهامات لرئيس الجمهورية ميشال عون كانت كلمة مشتركة بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وأوضحت هذه المصادر أن بري اطلع مسبقا على نص كلمة الحريري، ونصح رئيس الوزراء المكلف بالتخفيف من حدة بعض الجمل والعبارات، وهذا ما فعله الحريري آخذا بنصائح رئيس مجلس النواب.
ومع ذلك لم تخل كلمة الحريري من مفردات التصعيد، حيث وجه وابلا من الاتهامات للرئيس عون الذي اتهمه بالعمل على تعطيل الحياة السياسية في البلاد.
وقال الحريري خلال جلسة استماع في مجلس النواب موجها خطابه إلى ميشال عون، إنه “يريد تغيير الدستور وتعطيل الحياة السياسية في البلاد، والأخطر من ذلك هو يقتل أي أمل أمام اللبنانيين بوقف الانهيار الذي يعيشونه جميعا في يومياتهم الاجتماعية والاقتصادية”.
وأضاف “لن أشكل الحكومة كما يريدها فريق فخامة الرئيس، ولا كما يريدها أي فريق سياسي. لن أشكل الحكومة إلا كما يريدها وقف الانهيار ومنع الارتطام الكبير الذي يهدد اللبنانيين في أكلهم وصحتهم وحياتهم ودولتهم”.
وتابع “نحن أمام رئيس أجّل الاستشارات النيابية الملزمة على أمل أن يمنع النواب من تسمية سعد الحريري رئيسا للحكومة”.
واتهم الحريري عون بأنه “عندما لم تعد في يده حيلة، خاطب النواب وناشدهم ألا يسموا سعد الحريري، وعندما لم يمتثلوا لإرادته قرر تعطيل تشكيل الحكومة وتعطيل الدستور والبحث عن أي وسيلة للتخلص من رئيس الحكومة المكلف”.
وقال إن الرئيس اللبناني “يمتلك باعا طويلا في تعطيل تشكيل الحكومات لأشهر طويلة”، مبرزا أن عون “يريد فرض أسماء معينة وفرض الثلث المعطل”.
وكان عون وجه رسالة إلى البرلمان عبر رئيسه نبيه بري، قال فيها إن “آثار التأخير السلبية انعكست على الاستقرار السياسي والأمان الصحي والاجتماعي والاقتصادي والمالي والخدماتي العام، وحالت دون معالجة ملفات حساسة”.
وكتب الرئيس عون، وهو مسيحي ماروني، في رسالته “أصبح من الثابت أن الرئيس المكلف عاجز عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ، والتواصل المجدي مع مؤسسات المال الأجنبية والصناديق الدولية والدول المانحة”.
وطلب مناقشة رسالته في البرلمان “واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب بشأنها لمنفعة الشعب الذي يئنّ ألما وهو ينتظر حكومته الجديدة”.
والجمعة، عقد المجلس النيابي (البرلمان) جلسة برئاسة نبيه بري في العاصمة بيروت، للاستماع إلى نص رسالة عون لكنه أرجأ مناقشتها إلى السبت.
واعتبرت الأوساط السياسية هذه الخطوة بمثابة إعلان فعلي لضرورة إيجاد مسؤول آخر لتولي رئاسة الوزراء، لكن السياسي اللبناني جبران باسيل زعيم التيار الوطني الحر وصهر الرئيس ميشال عون، أفاد السبت بأن عون لم يكن يهدف إلى سحب تكليف الحريري.
وحاول باسيل التخفيف من حدة الخلاف حيث شدد على أن “عون لم يكن يهدف إلى سحب تكليف رئيس الوزراء المكلف في الرسالة التي بعثها إلى البرلمان”.
وكان عون وحلفاؤه روّجوا خلال الفترة الماضية لإمكانية اعتذار الحريري عن تأليف الحكومة لأسباب مختلفة، من بينها ضغوط خارجية.
ويختلف رئيس الحكومة المكلف منذ 7 أشهر مع رئيس البلاد حول التشكيلة الحكومية المنتظرة، ويتركز الخلاف بينهما حول عدد الحقائب الوزارية، وتسمية الوزراء خصوصا المسيحيين منهم.
ويتهم الحريري عون بمحاولته الحصول لفريقه (التيار الوطني الحر) على “الثلث المعطل” في الحكومة، وهو ما ينفيه الرئيس.
و”الثلث المعطل” يعني حصول فصيل سياسي على ثلث عدد الحقائب الوزارية، ما يسمح له بالتحكم في قرارات الحكومة وتعطيل انعقاد اجتماعاتها.
وأوائل ديسمبر، أعلن الحريري أنه قدم إلى عون “تشكيلة حكومية من 18 وزيرا من أصحاب الاختصاص، بعيدا من الانتماء الحزبي”، لكن الأخير اعترض على ما سمّاه “تفرد الحريري بتسمية الوزراء، خصوصا المسيحيين، من دون الاتفاق مع رئاسة الجمهورية”.
وكُلف الحريري، وهو سني ترأس عدة حكومات سابقة، بتشكيل الحكومة في أكتوبر، بعد أن فشل رئيس وزراء مكلف سابق في تشكيل حكومة تكنوقراط إثر عدة أسابيع من المساعي.
ويشترط المانحون تشكيل حكومة تتوافر لها مقومات البقاء من التكنوقراط أو المتخصصين قبل تقديم الأموال اللازمة بشدة لإنقاذ الاقتصاد اللبناني.
وغالبا ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان أشهرا طويلة جراء الانقسامات السياسية الحادة والخلاف على الحصص، لكن الانهيار الاقتصادي الحالي الذي فاقمته إجراءات مواجهة فايروس كورونا، لا يسمح بالمماطلة، وهو ما يؤكد عليه المجتمع الدولي موجها أقسى الانتقادات للمسؤولين اللبنانيين.
المصدر / فرانس برس العربية.
Comments are closed.