عبق نيوز| ليبيا / سرت| صوّت البرلمان الليبي، المنقسم منذ فترة طويلة، يوم الأربعاء بالموافقة على حكومة وحدة وطنية انتقالية مكلفة بتوحيد بلد منقسم تعمه الفوضى والعنف منذ عشر سنوات والإشراف على إجراء انتخابات في ديسمبر كانون الأول في إطار خطة سلام تدعمها الأمم المتحدة.
وتمثل مصادقة البرلمان على حكومة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة أكبر فرصة تسنح منذ سنوات لإيجاد حل للصراع الليبي. وجاءت بعد تصويت 132 نائبا لصالحها ومعارضة نائبين في جلسة انعقدت في مدينة سرت التي دمرتها الحرب.
وقال الدبيبة للبرلمان لاحقا “من خلال هذا التصويت تبين أن الليبيين وحدة واحدة” وحث المواطنين على الوفاق قائلا “افتحوا قلوبكم لبعضكم وانسوا الأحقاد”.
لكن لا تزال هناك عقبات كبرى، إذ أثارت طريقة تعيين الدبيبة وحجم حكومته الكبير انتقادات في ليبيا واتهامات بالفساد واستغلال النفوذ قد يستخدمها من يريدون التشكيك في شرعيته.
وعلى الأرض، لا تزال شوارع ليبيا وشركاتها وأعمالها وحتى مؤسسات الدولة واقعة تحت هيمنة الكثير من الفصائل المسلحة ومنقسمة بين الإدارتين المتنافستين، بينما التزمت القوى الأجنبية الداعمة لطرفي الصراع الصمت.
ويشكل تعديل الدستور وإجراء انتخابات حرة ونزيهة في 2021 تحديا هائلا على الرغم من التزام جميع الأطراف رسميا بتحقيق ذلك.
وقال طارق المجريسي، الباحث السياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، “إذا خرجنا من ذلك بحكومة واحدة ومجموعة واحدة من المؤسسات فسنكون قد وصلنا بذلك لمكان أفضل كثيرا مما كنا فيه على مدى السنوات الخمس الماضية”.
وانعقدت جلسة البرلمان في سرت، التي استقرت عندها خطوط القتال الصيف الماضي بعد أن صدت مليشيات تابعة لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في طرابلس، بالتعاون مع قوات تركية هجوما شنته قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر على العاصمة.
ورحبت حكومة الوفاق الوطني والإدارة في الشرق بالتصويت في البرلمان وقالتا إنهما مستعدتان لتسليم السلطة للحكومة الجديدة. وقال رئيس البرلمان عقيلة صالح إن مجلس الوزراء برئاسة الدبيبة سيؤدي اليمين الأسبوع المقبل.
وهذا أول انعقاد للبرلمان بكامل هيئته منذ سنوات بعد أن انقسم بين القوتين المتصارعتين على السلطة في الغرب والشرق في أعقاب انتخابه في 2014، بعد ثلاث سنوات من انتفاضة أطاحت بمعمر القذافي وانزلقت بعدها البلاد المنتجة للنفط إلى الفوضى.
ووقف إطلاق النار صامد منذ الخريف، لكن الطريق الرئيسي الذي يمر عبر الخطوط الأمامية من سرت حتى مصراتة ما زال مغلقا، واضطر النواب القادمون من الغرب إلى الوصول من طرابلس إلى سرت جوا.
كما دعمت مصر والإمارات حفتر بينما ساندت تركيا حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في طرابلس.
وقال الدبيبة يوم الثلاثاء إن الاتفاقات الاقتصادية التي أبرمتها حكومة الوفاق الوطني مع تركيا يجب أن تظل على حالها.
ورحب تركيا ومصر والإمارات بالخطوة تلك، وكذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأشادت الأمم المتحدة بها واعتبرت يوم التوصل إليها “يوما تاريخيا”.
– متحكمون في موازين القوى –
يقول منتقدون للعملية إنها أعادت فحسب ترتيب تحالفات متشابكة وعداءات بين متحكمين في موازين القوى يسيطرون على مجريات الأمور في ليبيا منذ سنوات دون أن تعطل قدرتهم على نهب ثرواتها أو تفسد التسويات غير الملائمة.
وهم غاضبون أيضا لأن اتهامات الفساد التي تواجه عملية تعيين الدبيبة لم تُناقش رسميا. واختير الدبيبة خلال منتدى سياسي نظمته الأمم المتحدة في تونس وجنيف بحضور 75 عضوا صوتوا على المرشحين للقيادة.
ونُقل عن بعض من حضروا المنتدى قولهم إن زملاء لهم تلقوا عروضا مالية. وتعهد الدبيبة وثلاثة من أعضاء المجلس الرئاسي اختيروا في جنيف بعدم السعي لشغل مناصب في الانتخابات الجديدة.
وعلى الرغم من المشكلات التي تشوب العملية والعقبات التي تواجهها، فإن ليبيا تقف حاليا على أعتاب أول حكومة موحدة في سنوات مع التزام جميع الأطراف رسميا بإجراء الانتخابات.
وتسيير أول رحلة جوية مدنية منذ ست سنوات بين مدينتي بنغازي ومصراتة أمس الثلاثاء لدليل ملموس على حدوث انفراجة.
وقال رجل الأعمال خالد العجيلي (42 عاما) في أحد مقاهي طرابلس “من الجيد أن تكون لنا حكومة واحدة بعد قرابة ثمان سنوات.. ولكن الأهم أن الحكومة تلتزم بالاتفاق وتصل بالبلاد إلى الانتخابات”.
المصدر / رويترز.
Comments are closed.