المصدر/ غادة الطبيب – خاص عبق نيوز .
الكاتبة الليبية غادة الطبيب تكتب “هل فتح صندوق باندورا في ليبيا ؟”
عبق نيوز| ليبيا / طرابلس | الكاتبة و الصحافية الليبية غادة الطبيب كتبت مقالا و عنونتها بـ “هل فتح صندوق باندورا في ليبيا ؟” ، و جاء فيه :
هناك اسطورة قديمة جدا تحكى عن صندوق ارسلته الآلهة كهدية لأبيمثيوس شقيق برومثيوس بعد زواجه من باندورا (راجع اسطورة النار المقدسة ) المرأة التى صنعتها الآلهةبقصد الايقاع ببرومثيوس والانتقام منه ووهبتها كل شئ (بان دورا يعنى التى منحت كل شئ) وكانت الأولى والوحيدة في مجتمع ذكورى يعيش في سعادة مطلقة !
باندورا التى زودتها الآلهة بخصلة الفضول ، ظلت تلح على زوجها وتقنعه بفتح الصندوق الهدية وتمنى نفسها بما في داخله من اشياء ، حتى رضخ وسمح لها بفتحه لتخرج كل الأوبئة والشرور والحزن من داخله وتملأ العالم ، وعلى الرغم من نجاح باندورا كما تحكى الاسطورة في اقفال الصندوق إلا أن الآوان كان قد فات وابتلى البشر باسوء انواع الأمراض والشرور وعم العالم الحزن والخراب ليومنا هذا !
بالتأكيد هذه الأسطورة ليست حقيقية ولايمكن تصنيفها إلا كحكاية خرافية تفتق عنها ذهن الإنسان قديما كوسيلة لايجاد اجوبة عن اسئلة وجودية لم يسعفه عقله البدائي ربما في حينه لايجاد اجوبة منطقية لها ولكن …..
ربما يمكننا تشبيه مايحدث اليوم في ليبيا بصندوق باندورا فما حدث بعد 2011 ولغاية لحظة كتابة هذه السطور يشبه فعلا صندوق باندورا !
لسنا هنا في صدد البحث عمن فتح الصندوق في المقام الأول ، هل هى مؤامرة خارجية كما يميل مناصرو نظرية المؤامرة خاصة مع انتشار المراسلات السرية لهيلاري كلينتون ، أومجرد حركة عادية للتاريخ تلقى بمن اعتلى القمة لسنوات عن اعلى الهرم وتسمح لمن يقبع في الأسفل بالصعود ، أو هى ثورة شعب على منظومة فاسدة ظلت لسنوات تكتم انفاسه .
مايهم حقا هو تلك المعضلات الجوهرية التى فاجئت حكام ليبيا الجدد عند استلامهم زمام الامور ، بنية تحتية لم يستطع الخبراء معرفة سبب صمودها طيلة سنوات وانهيارها فجأة!
شبكة كهربائية محتضرة لم تفلح أى جهود بذلت في اصلاحها رغم صرف ميزانيات تقدر بالمليارات ،وتغييرات في الهيكلية الادارية طالت الوزير شخصيا. منظومة تعليمية وصحية هشة انهارت تحت ضغط وباء لازال لم يضرب بكامل قوته وعتاده.
نسيج اجتماعى تفتت تحت وطأة الانقسامات والحكومات المتباينة شرقا وغربا وازمات مالية طاحنة اطاحت بالطبقة الوسطى وهيأت الطريق لزعماء المليشيات الذين نبتوا كالفطر من اللامكان مشكلين مابات يعرف اليوم بطبقة اغنياء الحرب !
إنه صندوق باندورا ذاك الذي فتح في ليبيا ولم يعرف الليبيون كيفية اقفاله لهذه اللحظة على الرغم من التدخلات الخارجية ومئات المؤتمرات التى يحضرها اصحاب الياقات البيضاء والحقائب السوداء دونما جدوى!
مشكلات حقيقية واجهت الحكومة الليبية ليس اكثرها تعقيدا انهيار الدينار الليبي امام الدولار وانخفاض قيمته الشرائية بالإضافة لموجة غلاء غير مسبوقة لم يستطع الليبيون تجاوزها، وليس ابسطها تخلى المستثمر الأجنبي عن السوق الليبية نتيجة عدم الاستقرار السياسي.
ما اشد الشبه بين صندوق باندورا الاسطورى بشروره واحزانه وصندوق المشكلات التى وجد المواطن الليبي نفسه في مواجهتها دون وجود خطط حقيقية للاصلاح من طرف الحكومات المتعاقبة مما ساهم في زيادة الأزمات التى يبدو ان لاحلول لها تلوح في الافق قريبا.
يظل السؤال الاكثر الحاحا من(باندورا )؟
من فتح صندوق باندورا في ليبيا ؟
سيجيبك العارفون ببواطن الامور أن اذرع النظام السابق لازالت ممتدة في قلب المؤسسات الحكومية الليبية وان هؤلاء لن يسمحوا باستقرار البلاد .
وسيؤكد المطبلون لنظرية المؤامرة ان اطرافا خارجية هى السبب خلف فتح صندوق باندورا سعيا لمنع ليبيا من استرداد مكانتها التاريخية كلاعب اساسي في رقعة الشطرنج الكبيرة المسماة العالم الثالت!
أما الاكثر تشاؤما فسيؤكدون أن مزدوجى الجنسية (المعارضة سابقا) هم المحرك الاساسي لفتح صندوق الشرور!
ستظل بالطبع هناك فئة ليست بالقليلة ترى أن اجتثات مايسمى بعقلية القذافي من عقول المسئولين الليبيين يحتاج إلى معجزة ربما لن نراها قريبا !!
عبق نيوز شبكة إخبارية مستقلة لا تنحاز إلى أي فكر او ايدلوجية، تنقل الخبر و تنشر عبقه حال وقوعه، تتخذ من شبكة المعلومات الدولية ( الانترنت ) مقراً لها.
Comments are closed.