عبق نيوز| ليبيا / طرابلس / بنغازي| يتسبب اعتصام للمعلمين في إغلاق المدارس بليبيا مع بدء العام الدراسي الجديد في البلاد حيث يطالب المعلمون بزيادة رواتبهم من ميزانية مستنزفة نتيجة لفاتورة ضخمة للرواتب العامة وتجدد الصراع.
وكان من المفترض أن تفتح المدارس الحكومية أبوابها في 13 أكتوبر تشرين الأول لكن المعلمين الغاضبين من تدهور أوضاعهم المعيشية وثبات رواتبهم ينظمون اعتصامات في بنغازي، ثاني أكبر مدن ليبيا والعاصمة طرابلس.
ومن بين هؤلاء المعلمين في بنغازي معلم الكيمياء رمضان محمد (47 عاما) وهو أب لستة أطفال ويقول إنه أضطر للعمل كسائق سيارة أُجرة لتوفير احتياجات أُسرته.
وأضاف ”كان حلم عمري أن أكون مدرس ولكن للأسف خُذلت عندما مارست هذه المهنة بسبب تهميشها في بلادي. كان من المفترض أن يكون راتب المعلم أكثر من وزير التعليم نفسه“.
وتابع ”أنا الآن أعمل سائق تاكسي. هل تعلم أن فيه أوقات أتغيب عن حصص عندما يكون لدي الالتزامات المالية؟ لو كان راتبي ممتازا ويغطي احتياجاتي واحتياجات منزلي لن أعمل عمل آخر، بل سأكرس وقتي كله للطلبة والتعليم. هذا الوضع يمر به الكثير من المدرسين على مستوى ليبيا وليس بنغازي فقط“.
وتتراجع مستويات المعيشة في ليبيا الغنية بالنفط للأدنى وسط حرب متقطعة واضطراب سياسي. وكانت ليبيا يوما ما واحدة من أغنى دول المنطقة.
وتتراوح الرواتب الشهرية بين 500 و850 دينار ليبي (360-610 دولارات) في المدارس الحكومية وفقا لسعر الصرف الرسمي الذي يقل كثيرا عنه في السوق السوداء. ولم ترتفع الرواتب بشكل ملموس منذ ما قبل الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي عام 2011. كما أن المدارس أصبحت طاردة للمعلمين الذين لا يحصلون على تأمين صحي ولا مكافآت.
وليبيا بلد منقسم بشدة بين حكومتين وبرلمانين متنافسين في طرابلس والشرق منذ عام 2014. ومنذ ستة أشهر تشن قوات بقيادة القائد العسكري خليفة حفتر، المتحالف مع الحكومة الموجودة في الشرق، حملة لانتزاع السيطرة على العاصمة. واستنزف القتال موارد الجانبين.
ويعتمد معظم سكان ليبيا، الذين يقدر عددهم بنحو 6.5 مليون نسمة، على رواتب الدولة. وتمثل الرواتب أكثر من نصف إجمالي الإنفاق العام وهو إرث من الفساد والمحسوبية السياسية قبل 2011 وبعده.
ويدفع مصرف ليبيا المركزي في طرابلس الرواتب للمواطنين في جميع أنحاء البلاد بتمويل من عائدات النفط. ورغم إلغاء بعض الرواتب التي كانت تُصرف بالاحتيال أو المكررة فإن الكثيرين ما زالوا يحصلون على رواتب دون القيام بعمل.
وقطاع التعليم متضخم بشكل خاص. ويقول مسؤولون في طرابلس إن السجلات تضم نحو 240 ألف معلم وغيرهم من الموظفين في المناطق الغربية والجنوبية، بينهم من 60 إلى 70 ألف معلم احتياطي. ويقول نقيب المعلمين في بنغازي إن 190 ألف معلم آخرين مسجلون في الحكومة في الشرق.
— ”يمسكون بالطباشير“ —
أقر برلمان شرق ليبيا العام الماضي مرسوما يقضي برفع رواتب المعلمين لكنه لم يُطبق. وفي بنغازي حيث قاتل حفتر لأكثر من ثلاث سنوات قبل أن يرسخ سيطرته في 2017، ينظم المعلمون اعتصامات في وسط المدينة وخارج مبنى وزارة التعليم منذ الشهر الماضي.
وقال مسؤول التعليم في بنغازي مصطفى الدرسي إن احتجاجات المعلمين تسببت في إغلاق أكثر من 200 مدرسة. ونقلت الأُسر القادرة ماديا أطفالها لمدارس خاصة.
وقال الدرسي ”إن المدرسين الفعليين 18 ألفا فقط من بين 47 ألف موظف رسميا في بنغازي كانوا يتجهون إلى العمل ويمسكون بالطباشير. لقد استحقوا زيادة لكن القيود المالية جعلت ذلك مستحيلا“.
وأضاف ”الوضع في البلاد لا يسمح حتى بزيادة درهم واحد، ليس فقط للمعلمين ولكن بشكل عام“.
وفي طرابلس تُستخدم مباني بعض المدارس لإيواء نازحين من المعارك التي وقعت في الآونة الأخيرة والتي عطلت الدراسة قبل الصيف.
واحتج عشرات المعلمين يوم الأحد أمام مقر الحكومة مطالبين بزيادة رواتبهم وإقالة وزير التعليم عثمان عبد الجليل.
وقالت معلمة ابتدائي في طرابلس فضلت ذكر اسمها الأول فقط، مريم، ”نسمع عن مليارات من إيرادات النفط كل شهر ولا نرى أي تطوير، والحكومة لا تريد أن ترفع مرتباتنا، هذا ليس عدلا“.
وقال عبد الجليل ردا على ذلك إن المعلمين الذين لن يعودوا للعمل بحلول يوم 27 أكتوبر سيُحالون للقضاء.
المصدر / رويترز .
Comments are closed.