عبق نيوز| العراق/ اربيل| ترحب العراقية الكردية زيلان سيروود بابتسامة وفخر بزبائنها الذين تجمعوا حول شاحنتها لبيع المأكولات السريعة في إقليم كردستان الشمالي، لكن مشروعها الذي أطلقته قبل فترة قصيرة تطلب ضوءا أخضر، ليس من الممول بل من رجال عائلتها.
يعد مستوى توظيف النساء محدوداً جداً في عموم العراق بما في ذلك إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي. بدأت سيروود (22 عاما) مشروعها “زي برغر” الشهر الماضي في أربيل كبرى مدن كردستان العراق، لبيع الوجبات السريعة.
تقف شاحنتها المطلية باللونين الأصفر والأرجواني، قبالة حديقة عامة وسط المدينة، حيث يتوافد الزبائن ومعظمهم من الشباب. تعتبر سيروود أن إقناع الأقارب كان العقبة الأولى، في مجتمع محافظ ذي غالبية مسلمة.
تقول لوكالة فرانس برس “سمعت بعض الناس يقولون +ما الذي يجبرها على فتح مطعم، لديها أب وأخ+؟”. وتضيف “لكن يجب ألا تستمع للانتقادات إذا كانت لديك فكرة أو تريد تطوير نفسك”.
وافقت عائلة سيروود على خطوتها، كما حصلت على تمويل من الوكالة الألمانية للتنمية لشراء معدات المطبخ المتنقل. ساعدها والدها في شراء المعدات، وتتناوب مع شقيقها في العمل أيضاً.
تعرب سيروود عن فرحتها الغامرة بالقول “أنا سعيدة للغاية الآن، لأن لدي عملي الخاص، أشعر أن لدي حرية وأنا أظهر للجميع بأن هذا ما أستطيع القيام به”.
— مشاريع ناشئة —
تبلغ نسبة العاملات 15% من اليد العاملة في العراق، وهي من بين أدنى المعدلات في العالم، وفقا لمسح ديموغرافي أجرته حكومة الإقليم في العام 2018.
وتعمل حوالى 75 % من الموظفات في إقليم كردستان، في القطاع الحكومي، ما يجعل من المشاريع النسائية نادرة وخاصة. وتواجه العاملات عقبات كثيرة، بينها التشهير بهن من قبل المحافظين المتمسكين بالتقاليد، ممن ينظرون للمرأة المستقلة اقتصادياً كليبرالية متحررة جداً ولمستوى قد يصل إلى ما يصفونه بالانحلال.
تقول ديمان فاتح (59 عاما)، والتي تعد المرأة الأولى العاملة في قطاع الزراعة بالإقليم الشمالي، إن “ما يدمر المرأة في مجتمعنا هو كلمة +الخجل+”.
وتضيف فاتح التي تدير مشتلاً بمساعدة زوجها في أربيل إن “النسوة يتخوفن من الإبداع أو تطوير أنفسهن، بسبب ما قد يقوله الآخرون عنهن”.
وانتشرت مؤخراً بعض التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي تصف المشاريع التي تديرها النساء بالـ”سخيفة” وأن “المرأة عملها في المنزل”.
لكن من خلال التضامن ومثابرة النسوة، هناك تحول تدريجي ملحوظ. وترأس فاتح أيضاً نادياً لمحبي المزروعات والنباتات يتألف من 450 عضواً بينهم 25 امرأة.
ويساهم هذا النادي إلى جانب دعم مشاريع ناشئة، بمساعدة النساء لمنحهن الـ”الشعور بالثقة وعدم الاستسلام أو القبول بالتخلي عن حقوقهن”، وفق فاتح.
وترى تلك السيدة أنه “عندما تبدأ المرأة عملاً خاصاً في مجتمعنا، فإنها لا تكسب المال فقط. هي ترفع الوعي بخصوص المساواة وتمهد طريقاً أمام نساء أخريات لدخول السوق وضمان حريتهن”.
وكشف استطلاع للرأي أجرته الأمم المتحدة في العام 2013، بأن 66 في المئة من الشباب العراقي يدعم حقوق المرأة في العمل، مقارنة بـ42 % فقط من كبار السن، الأمر الذي يعد تحسناً ملحوظاً بين الأجيال.
— “النساء مرنات” —
تمنع بعض القوانين في العراق النساء من العمل في مجالات تتطلب جهداً بدنياً أو عملاً طوال الليل.
لكن آفان الجاف الناشطة العمالية الكردية، تنشر على الإنترنت شهادات لسيدات أعمال، قالت لفرانس برس إنها تلحظ تحولاً.
وتوضح أن “هذا الأمر لم يحدث لأن المجتمع أصبح فجأة منفتحاً”.
وتضيف “نعم، أصبح البعض أكثر تساهلاً، لكن الآخرين أدركوا أن هناك مرونة لدى النساء ولا يستسلمن للوصول إلى ما يطمحن إليه. لقد أصبحوا على قناعة بأن تعليقاتهم لم تعد ذات تأثير، لذلك لا يتدخلون”.
ورغم ذلك، لا تزال هناك مجموعة من التحديات الأخرى التي تواجه المرأة.
ففي كردستان العراق، لا يمكن مثلاً للنساء اللواتي يغادرن للتمتع بإجازة أمومة ضمان محافظتهن على وظائفهن لدى العودة، كما تواجه كثيرات ضغوطاً للتنازل تحت تأثير أقاربهن من الرجال.
وتؤكد الجاف أن “من يقرر كيفية إنفاق العائدات أو أين يجب أن تستثمر، هي العائلة وليس النساء”.
بدورها تشير شونيم حسين التي تفتخر بملكية مركز “سكاي فيتنس” الرياضي في مدينة رانيا شرق أربيل، إلى قصص مماثلة.
تقول حسين التي تتدرب في ناديها أكثر من 150 امرأة، إن “هؤلاء النساء لا يأتين من أجل التدريب فقط، لكن للدردشة مع أخريات والتحدث عن مشاكلهن”.
تقول إحدى المتدربات في النادي، إن النجاح الذي تشاهده في “سكاي فيتنس” يدفعها للتمسك بحلمها لفتح مطعم في المدينة التي ولدت فيها.
لكنها تردف أن زوجها حطم آمالها، قائلة “قال لي +يوم تفتحين مطعماً سيكون آخر يوم تدخلين فيه البيت+”.
المصدر / فرانس برس العربية .
Comments are closed.