عبق نيوز| المجر/ بودابست| في تشورنا في السهل المجري، ساهم الاتحاد الأوروبي بتمويل بناء مستشفى وفتح طرقات وقنوات صرف صحي، لكن سكان هذه المدينة الصغيرة المسالمة، ينظرون إلى الاتحاد الأوروبي، قبل كلّ شيء، بصفته مؤسسة “شديدة التساهل تجاه المهاجرين”.
والدليل الظاهر الوحيد على وجود حملة لانتخابات 26 مايو الأوروبية في هذا المركز المحلي، هي ملصقات لرئيس الوزراء القومي فيكتور أوربان عليها عبارة “أوقفوا الهجرة!”.
ومنذ عام 2015، يلوح فيكتور أوربان في مقاربته السياسية بشبح “غزو المهاجرين” و”إغراق المسيحيين” تحت سيل من المسلمين. وأعيد انتخاب أوربان بسهولة منذ عام لثالث ولاية على التوالي مع تزايد العداء للمؤسسات الأوروبية.
ونال حزب أوربان “فيدس” نسبة 65% في تلك الانتخابات، محققاً أفضل نتيجة له في دائرة تشورنا الانتخابية، الواقعة على بعد 150 كلم من العاصمة بودابست، وحيث أكد معظم السكان الذين التقتهم فرانس برس تأييدهم لسياسة أوربان المناهضة للهجرة.
ويؤكد إستفان بالاسا البالغ من العمر 49 عاماً ويعمل بائعاً لوجبة اللانقوش التقليدية المجرية أن “أوروبا كانت متساهلة جداً مع المهاجرين، هي ليست بحاجة لمزيد من المسلمين”.
ويعترف لفيكتور أوربان بـ”مقاومته بروكسل”، بينما تؤكد بوربيلي فرنتشيني البالغة من العمر 56 عاماً أنها تشعر بالاطمئنان لإغلاق بودابست بالأسلاك الشائكة الحدود مع صربيا. وتقول إن هذه الحواجز “تبقيهم خارجاً”، في إشارة إلى طالبي اللجوء.
وترى هذه الموظفة في روضة للأطفال أن الاتحاد الأوروبي يخصص الكثير من الأموال لمساعدة المهاجرين “ولا يدير بشكل جيد مسألة الهجرة”.
— مساعدات “مستحقة” —
وكان الاتحاد الأوروبي سخياً تجاه المجر، على غرار الدول الأخرى التي كانت في المعسكر الشيوعي، وهي تستفيد حتى الآن من أموال صناديق أوروبية مخصصة لسد الفجوة في مجال البنى التحتية في هذه المنطقة.
وفي تشورنا، أسهمت هذه التمويلات في تشييد شبكة طرقات في المدينة وجناح مستشفى، وكذلك في إصلاح نظام الصرف الصحي فيها.
وشارك التكتل الأوروبي أيضاً في تمويل بناء مسار مخصص للدراجات الهوائية. ويقول سائق دراجة إن هذه المساعدات ليست دون مقابل، موضحاً أن “المجر فتحت أسواقها للشركات الأوروبية وتستحق الأموال التي تتلقاها”.
ويوضح رئيس البلدية الاشتراكي السابق للمدينة جوزيف باب أن مثل هذا التفكير منتشر، ويضيف “كثر يرون أن الأموال الممنوحة للمجر ليست سوى جزء بسيط من الأرباح التي تحققها الشركات الأوروبية في البلاد”.
ويلحظ باب البالغ من العمر 59 عاماً والذي ترك العمل السياسي وجود “شعور متنام بالعداء” تجاه مواطني دول الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن استطلاعاً جديداً لليوروباروميتر (وحدة دراسات استقصائية في المفوضية الأوروبية) بيّن أن 82% من المجريين يؤيدون البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وبحسب استطلاع آخر، فإن نسبة البطالة في المجر تبلغ حالياً 3,6%، في أدنى مستوى لها تاريخياً، ويعود ذلك خصوصاً إلى فتح عدة مصانع ألمانية للسيارات في البلاد.
— تراجع التعددية —
لا يلحظ في تشورنا أي أثر للمهاجرين، ولا لأي ملصق انتخابي يخالف الغالبية الحاكمة. ويقول النائب المستقل عن دائرة أخرى آكوس هادازي “اليوم، 70 إلى 80% من المجريين لا يستمعون إلا للدعاية الحكومية”.
وتؤكد أحزاب المعارضة أنها لا تحظى بفرص عادلة لاستخدام اللوحات الإعلانية، التي تحتكر إدارتها مؤسسات مقربة من السلطة. والشهر الماضي، احتج ناشطون في هذه الأحزاب أمام مقر التلفزيون الرسمي، مؤكدين أنه لا ينقل سوى رسائل الغالبية الحاكمة.
وأثناء التظاهرة، كانت القنوات الرسمية تنقل مجموعة من التقارير المنذرة بوجود “قوافل من المهاجرين” يحاولون الدخول إلى المجر عبر اليونان.
وشكّل تراجع التعددية الإعلامية في المجر مصدر قلق في تقارير العديد من المنظمات المستقلة، مثل مراسلون بلا حدود. وبحسب دراسة لمركز تحليل وسائل الإعلام ميرتيك، نحو 78% من الأرباح التي يحققها قطاع الإعلام في المجر يعود إلى شركات يسيطر عليها حزب فيدس أو مقربة منه.
ويقول آكوس هادازي الذي كان في السابق ناشطاً في فيدس ويكرس عمله اليوم لمكافحة الفساد، إن أموال الاتحاد الأوروبي ساعدت مقربين من الحكومة في السيطرة على الإعلام.
ويرى جورجي ساباد وهو سائق حافلة في تشورنا أن “المال الأوروبي صرف في استثمارات لا معنى لها وباهظة، قدمت إلى أصدقاء السلطة بدون منافسة”.
وفي مارس الماضي، فتحت وكالة مكافحة الفساد في الاتحاد الأوروبي (أولاف) تحقيقاً حول مشروع مصنع ألواح شمسية كان من المقرر أن يبصر النور في تشورنا في 2015، وقدّم الاتحاد الأوروبي 6 مليون يورو كمساعدة لهذا المشروع. لكن شيّد مبنى في المكان، والمصنع لم يفتح أبداً.
وقال المكتب الإعلامي للوكالة الأوروبية لفرانس برس إن “التحقيق جارٍ” في هذه المسألة. ولم يجب نائب حزب فيدس في المنطقة، ولا مسؤوله المحلي على طلب فرانس برس إجراء مقابلة معهما.
المصدر / فرانس برس العربية.
Comments are closed.