عبق نيوز| أمريكا / السعودية | وصل وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو الأحد إلى الرياض، المحطّة الحسّاسة في جولته الشرق أوسطيّة، حيث يُتوقّع أن يطلب من وليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان “محاسبة” جميع المسؤولين عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
وهذه هي الزيارة الثانية للمسؤول الأميركي إلى السعوديّة منذ مقتل خاشقجي داخل القنصليّة السعوديّة في اسطنبول أوائل أكتوبر 2018. وقد أثار مقتل الصحافي المنتقد لسُلطات بلاده، موجة إدانات دوليّة.
وخلال لقائه وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجيّة عادل الجبير، شدّد بومبيو على “ضرورة أن تُواصل السعوديّة تحقيقها حول مقتل” خاشقجي “من أجل محاسبة جميع المسؤولين”، بحسب ما جاء في بيان لوزارة الخارجيّة الأميركيّة.
وكان في استقبال بومبيو في المطار، الجبير والسفير السعودي لدى واشنطن خالد بن سلمان، اللذان تبادل معهما الوزير الأميركي أطراف الحديث. ومن المقرّر أن يلتقي بومبيو وليّ العهد.
وكان بومبيو صرّح في الدوحة قبل توجّهه إلى السعودية “سنُواصل الحديث مع وليّ العهد والسعوديين، لضمان أن تكون المحاسبة كاملة في ما يتعلق بجريمة قتل جمال خاشقجي غير المقبولة”.
وشرح بومبيو أنّ واشنطن تريد التأكّد من “أنّنا نملك كلّ الوقائع” بشأن مقتل الصحافي. وتابع أنّ واشنطن تريد التأكّد من محاسبة المسؤولين عن الجريمة “من قبل السعوديين ومن قبل الولايات المتحدة أيضاً”.
وبدأت محاكمة 11 موقوفاً في القضيّة في السعودية في 3 يناير. وطالب النائب العام بحكم الإعدام بحقّ خمسة منهم لم يكشف هوّياتهم. من جهتها، فرضت واشنطن عقوبات على 17 مسؤولاً سعوديًا على خلفيّة القضية.
بعد أكثر من ثلاثة أشهر على مقتله، لم يُعثر بعد على جثمان خاشقجي، ولا تزال تساؤلات تحيط بهوّية من أمر بالعمليّة التي نفّذها فريق من 15 مسؤولاً سعوديًا.
وبعد الضغط عليها، اعترفت السلطات السعوديّة بأنّ الصحافي فارق الحياة نتيجة جرعة زائدة من المخدّر قبل أن يتم تقطيع جثّته في القنصلية، لكنها نفت في المقابل أيّ علاقة لولي العهد القويّ بمقتل خاشقجي.
وأثّر مقتل خاشقجي على العلاقات بين الرياض وواشنطن، في وقت تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تشكيل “ائتلاف” ضد إيران في المنطقة.
ودافع الرئيس الأميركي بشدّة عن العلاقات التي تربط بلاده بالسعودية، بعدما حمّل مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه أنصار ترامب الجمهوريون، وليّ العهد السعودي مسؤولية قتل خاشقجي.
وخلال زيارته السابقة، بعد اختفاء خاشقجي في شهر أكتوبر، بدا بومبيو والأمير محمّد مبتسمَين خلال لقائهما، ما أثار غضب جزء من الطبقة السياسية الأميركية.
وأكّد بومبيو الجمعة في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأميركيّة أنّ العلاقات الأميركيّة السعودية تبقى “مهمّة للغاية بالنسبة إلى الأميركيين”.
من جهة ثانية، دعا ناشطون في مجال حقوق الإنسان بومبيو إلى الضغط على الرياض من أجل الإفراج عن ناشطات سعوديّات سجينات تقول منظّمات غير حكوميّة دوليّة إنّهن تعرّضن على ما يبدو للتعذيب والتحرّش الجنسي.
وفي مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، قالت علياء الهذلول شقيقة إحدى السجينات “أنا مندهشة من موضوع لم يُدرَج في زيارة بومبيو: مصير الناشطات الشجيعات في المملكة العربية السعوديّة، المحتجزات في سجون المملكة لمجرّد سعيهنّ إلى الحصول على حقوقهنّ وكرامتهنّ”. وتمّ في مايو توقيف شقيقتها لجين التي ناضلت لنيل النساء حقّ القيادة.
— دعوة إلى الوحدة الخليجيّة–
في الدوحة حيث التقى الأمير تميم بن حمد آل ثاني، سعى بومبيو إلى دفع المصالحة الخليجيّة قدماً بين قطر والسعوديّة وحلفائها.
وتُحاول الولايات المتحدة منذ عام ونصف عام من دون جدوى، إقناع السعودية وقطر بتجاوز الأزمة بينهما، بهدف التركيز على الهدف الأهم لواشنطن في المنطقة وهو التصدّي للنفوذ الإيراني.
وقال الوزير الأميركي في مؤتمر صحافي مع نظيره القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني في الدوحة إنّه ركز “على أهمّية الوحدة بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي. الرئيس ترامب وأنا نعتقد أنّ الخلاف دام وقتًٍا طويلاً جداً”.
وأضاف “نحن جميعا أقوى عندما نعمل سوياً، حين نواجه تحدّيات مشتركة في المنطقة وحول العالم”، بدءاً بإيران. وخلال حديثه لاحقاً في السفارة الأميركية في الدوحة، عبّر بومبيو عن أسفه لأنّه “من غير الواضح ما إذا كانت الخلاف الخليجي يتجه نحو الحلّ”.
وحثّ بومبيو الخميس من القاهرة دول الشرق الأوسط “على تجاوز منافساتها القديمة”. قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر في الخامس من يونيو 2017.
وتتّهم الدول الأربع الدوحة بالتقرّب من إيران و”دعم الإرهاب”، وهو ما تنفيه بشدّة قطر التي سعت منذ ذلك الحين إلى تأكيد مشاركتها الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب.
وباءت كلّ محاولات الوساطة في النزاع بالفشل، في وقت استقال مؤخراً الموفد الأميركي لحلّ النزاع بين الدوحة والرياض أنطوني زيني، وقال لشبكة “سي بي إس” الأميركية إنه استقال “بسبب عدم رغبة القادة الإقليميّين بوساطة عَرَضنا القيام بها او تسهيل إنجاحها”.
وبالنسبة إلى واشنطن، فإنّ إنهاء هذه الأزمة أمر حيوي لنجاح خطتها تشكيل تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط لمواجهة إيران، يضم إضافة إلى دول الخليج مصر والأردن. ولكن المهمة تبدو معقدة للغاية.
وفي أبوظبي، اعترف وزير الخارجية الأميركي في حديث مع الصحافيين الذين يرافقونه في جولته الشرق أوسطيّة، بأنّ تنفيذ الاتفاق “أمر معقد”. وقال “نتحدث عن اتفاق معقد بين عدد من الدول لتي نطالبها بالتزامات مهمة، لكنني أعتقد أن هناك طريقاً للمضي قدماً”.
المصدر / فرانس برس العربية .
Comments are closed.