عبق نيوز| امريكا / السعودية / اليمن | تحدّى مجلس الشيوخ الأميركي البيت الأبيض الأربعاء بعد أن وافقت غالبية كبيرة من أعضائه على إجراء يمكن أن يؤدي إلى إنهاء الدعم العسكري للتدخل الذي تقوده السعودية في اليمن.
وصوّت 63 سيناتورًا من الجمهوريين والديموقراطيين مقابل 37، لمصلحة الإجراء بعد ساعات على تحذيرات وزيرَي الخارجية والدفاع الأميركيين مايك بومبيو وجيم ماتيس من أنّ سحب الدعم للسعودية سيؤدي إلى تفاقم الحرب في اليمن.
ويشكل هذا التصويت حدثا كبيرا بعد فشله في بداية العام الجاري، ويعكس إرادة جديدة لدى الحزبين في مجلس الشيوخ في اتخاذ موقف أكثر تشددا حيال السعودية.
ويشعر أعضاء المجلس بالاستياء من رد فعل الرئيس دونالد ترامب على قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي وتفاقم الأزمة الإنسانية بسبب الحرب في اليمن.
وقال السناتور الديموقراطي كريس مورفي لوكالة فرانس برس إن “السعوديين تجاوزوا الحدود. قتلوا المزيد من المدنيين هذه السنة أكثر من اي عام آخر في حرب اليمن”.
وأضاف “من الواضح أنهم ارتكبوا خطأ استراتيجيا هائلا باحتجاز وقتل خاشقجي، لذلك تغيرت أمور كثيرة في الشهر الأخيرة وهذا ما أوصلنا إلى هذه النقطة”.
من جهته، أكد السناتور الجمهوري ليندسي غراهام أنه قرر التصويت لمصلحة القرار لأن مديرة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) جينا هاسبل لم تدل بشهادتها ولا يمكن استجوابها بشأن معرفة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بخطة قتل خاشقجي.
وقال غراهام للصحافيين “القضية بالنسبة لي هي ما إذا كانت وكالة الاستخبارات المركزية تدعم أو لا تدعم الخلاصة التي تتمتع بدرجة عالية من الصدقية، أن ولي العهد كان شريكا في قتل خاشقجي”. وأضاف “لن أحرم من إمكانية إطلاعي من قبل السي آي ايه”. وقبيل ذلك، سعى بومبيو وماتيس إلى إقناع أعضاء الكونغرس بمواصلة الدعم الأميركي للسعودية في الحرب في اليمن.
— “العلاقات الطويلة لا تعمينا” —
قال وزير الدفاع إن على الولايات المتحدة محاولة محاسبة المسؤولين عن قتل خاشقجي والإقرار في الوقت ذاته بأنّ السعودية “شريك استراتيجي ضروري”.
وصرح بومبيو في جلسة استماع مغلقة “إنّ المعاناة في اليمن تحزنني، ولكن لو لم تكن الولايات المتحدة ضالعة في اليمن، لكان الوضع أسوأ بكثير”. وأضاف “ما الذي سيحدث في حال انسحاب الولايات المتّحدة من الجهود في اليمن؟ الحرب لن تنتهي”.
وأضاف “لا يمكننا أن نمتنع عن استخدام كل نفوذنا لإنهاء هذه الحرب من أجل خير الأبرياء وفي النهاية من أجل سلامة شعبنا، وهذا يشمل مشاركتنا العسكرية”. من جهته، أشار ماتيس إلى تدريب الجيش الأميركي طيّاري التحالف العربي، مؤكدا أنه ضروري لخفض الخسائر البشرية.
وقال “رغم أنّ المآسي تحدث في الحرب، تشير تقديراتنا إلى أنّ تحسّن عملية اتّخاذ القرار التكتيكي لطياري التحالف العربي خفض من خطر وقوع ضحايا مدنيين”.
وأضاف أن “العلاقات الطويلة ترشدنا لكنها لا تعمينا. السعودية وبسبب الجغرافيا والتهديد الإيراني، مهمة للحفاظ على الأمن الإقليمي والإسرائيلي وعلى مصلحتنا في شرق أوسط مستقر”، مشددا على أنه “لم نتغير بشأن مسألة محاسبة أي شخص متورط في القتل”.
ووصف ترامب السعودية الأسبوع الماضي بأنها “شريك قوي” وقال إنّ من غير الواضح ما إذا كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان على علم بخطة قتل خاشقجي. وشكّك في تقرير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) الذي قال إنّ محمد بن سلمان كان وراء جريمة القتل. وبعد جلسة الاستماع الأربعاء، صرّح بومبيو أنّه لم يشاهد أيّ دليل “مباشر” يربط بين مقتل خاشقجي وولي العهد.
من جهته، أكد ماتيس لصحافيين في البنتاغون إنّه راجع كلّ المعلومات الاستخباريّة المتّصلة بالجريمة لكنّه لم يرَ فيها ما يربط ولي العهد مباشرة بها. وقال “لا يوجد دليل”، مؤكدا ضرورة محاسبة المسؤولين عنها.
وأضاف “لم نغير موقفنا بأنّنا نتوقع محاسبة كل شخص متورط في الجريمة”. ويتوقع أن تجرى مناقشات وعمليات تصويت جديدة في هذا الشأن الأسبوع المقبل.
— محادثات سلام —
أدّى النزاع في اليمن إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم التي تقف الآن على حافة المجاعة. وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 10 آلاف شخص قتلوا معظمهم من المدنيين، منذ شن التحالف بقيادة السعودية عمليات عسكرية في اليمن في 2015.
ومن المقرّر عقد محادثات سلام لإنهاء الحرب في اليمن مطلع كانون الأول/ديسمبر في السويد بين المتمردين الحوثيين والحكومة اليمنية المدعومة من السعودية، بحسب ما افاد ماتيس الأسبوع الماضي.
إلا أن السناتور مورفي رأى إن شهادتي بومبيو وماتيس لم تكونا مثمرتين. وقال “خسرا التصويت صباح اليوم” الأربعاء. وأضاف “لم يقدما أجوبة على السؤال عن سبب عدم حضور جينا هاسبل. وليس لديهما خطة لإنهاء الحرب في اليمن”.
والدعم الذي يقدّمه الجيش الأميركي للتحالف غير قتالي يشمل تبادل معلومات استخباريّة وتدريب طيارين على “أفضل الممارسات” في شن الغارات الجوية مع تقليل الضحايا المدنيين لأقصى حد.
وكان البنتاغون يقوم كذلك بعمليات تزويد وقود في الجوّ لطائرات التحالف، لكنّه أعلن هذا الشهر عن وقفها. لكنّ سلسلة من غارات التحالف أدت إلى مقتل عشرات المدنيين العديد منهم أطفال، وبدأ بعض السياسيين الأميركيين يتحفظون على دور الولايات المتحدة في تلك الحرب.
ويؤكد عدد من المسؤولين في الإدارة الأميركية إنّ دور السعودية في مواجهة إيران مهم جدا لذلك لا يمكن للولايات المتحدة التخلي عن المملكة.
وعلى موقع تويتر، أعلن بومبيو أنّ الولايات المتّحدة ستنفق مبلغ 131 مليون دولار إضافي على المساعدات الإنسانية لليمن، وانتقد ايران. وكتب “النظام الإيراني لا يهتمّ في تخفيف معاناة اليمنيين. الملالي لا يأبهون حتى بشأن الإيرانيين. السعودية استثمرت المليارات لتخفيف المعاناة في اليمن. وايران لم تستثمر شيئا”.
وعلى تويتر كذلك، كتب السناتور الديموقراطي ايد ماركي أنّ بومبيو يخطئ بالقول إنّ السعودية تستحقّ أن نُبقيها شريكاً، نظراً لسجلها في حقوق الإنسان. وتدخلت السعودية وحلفاؤها في النزاع بين حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والمتمردين الحوثيين في 2015.
المصدر / فرانس برس العربية .
Comments are closed.