إعلان باريس بشأن ليبيا يحتضر وخطة أمريكية تلوح في الأفق

سبوتنيك

عبق نيوز| ليبيا / أمريكا / فرنسا / الأمم المتحدة | يبدو أن المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، بات مدركًا أن “إعلان باريس” لحل الأزمة في هذا البلد المضطرب يحتضر، كما ألمح إلى ذلك في مجلس الأمن الدولي.

وفي إحاطة له أمام مجلس الأمن، مطلع سبتمبر الجاري، لمّح سلامة، إلى بدء فقدان الأمل بنجاح “إعلان باريس” (خارطة طريق)، في إيصال العملية السياسية بالبلاد إلى بر الأمان، مشيراً إلى وجود “سُبل أخرى”.

وانتهت الأحد الماضي مهلة لتشريع قانون للاستفتاء على الدستور، حددته خارطة الطريق، التي اتفق عليها أطراف النزاع، برعاية فرنسية، في مايو الماضي.

وفاقم إرباك المشهد، في ذلك الوقت، اندلاع قتال عنيف في العاصمة الليبية طرابلس، بين مجموعات مسلحة، تحسب، بشكل أو بآخر، على حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا.

وبدأ القتال أواخر أغسطس الماضي، وتوقف بوساطة أممية، في 4 سبتمبر الجاري، وراح ضحيته عشرات القتلى والجرحى، كاشفًا عن مدى هشاشة المشهد الليبي.

الخطة تشمل حل جميع المؤسسات السياسية الحالية وتشكيل مؤتمر وطني يدعو إلى انتخابات برلمانية وقرار دولي تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة

وبعد أيام، حاول نواب في البرلمان، المنعقد في طبرق (شرق)، استباق انتهاء المهلة وبث الروح في إعلان باريس، وصدر عبر الموقع الإلكتروني للمجلس، الخميس الماضي، إعلان عن تمرير قانون الاستفتاء.

إلا أن نوابًا عن شرقي البلاد سرعان ما طعنوا بالقرار، وزعموا افتقار الجلسة إلى المصداقية نظرًا لغياب النصاب القانوني، وغيرها من “التجاوزات”، وهي ذات العقبات التي حرمت القانون من رؤية النور على مدى الشهور الماضية، ما قلل مجددًا من فرص إنعاش الخارطة الفرنسية.

“سلامة” هدد، خلال الإحاطة، بأن الأمم المتحدة لن تمنح مهلة جديدة لتنفيذ رؤية إعلان باريس، بعد انقضاء مهلة تشريع قانون الاستفتاء، إلا أنه لم يتحدث عن تفاصيل الخطة البديلة.

واكتفى بالقول: “ثمة سبل أخرى لتحقيق التغيير السياسي على نحو سلمي وسوف نتبناها دون تردد”.  لم تمض عدة أيام حتى نشر موقع “أتلانتيك كاونسل” الأمريكي، تفاصيل ما قال إنها الخطة البديلة التي ألمح إليها سلامة، مشيرًا أن نائب الأخير، الأمريكية “ستيفاني وليامز”، تقدمت بها.

وتنضوي الخطة على بنود قد توصف بأنها راديكالية في واقعيتها وحزمها وتجاهلها التفاصيل الدقيقة، وجدير بمن يتقاسمون- ويتنازعون- السلطة في ليبيا اليوم القلق منها، وفق الموقع.

وجاء الحديث حول رؤية “وليامز” بعد نحو شهرين فقط من تعيينها في المنصب الأممي، قادمة من سفارة واشنطن لدى طرابلس، التي شغلت فيها القائم بأعمال السفير منذ العام الماضي.

كما عملت لأكثر من عقدين في بعثات دبلوماسية أمريكية أخرى بالمنطقة، ما يعني أنها تحمل في جعبتها أجندة واضحة، ستدفع نحو تحقيقها.

وبحسب تقرير “أتلانتيك كاونسل”، فإن نائبة سلامة تجري استعداداتها لتطبيق رؤيتها على جبهتين؛ أولًا؛ التواصل مع نشطاء حقوقيين ومحامين سعيًا إلى تشكيل تكتل يتصدى لأي تشريع قد يصدره مجلس النواب، من شأنه التسبب بمزيد من الاضطراب، وثانيًا محاولة “كبح” ميليشيات طرابلس، وغيرها.

ونقل التقرير عن مصادر، لم يسمها، أن عناصر من استخبارات دولة عربية تعمل بالتنسيق مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “CIA” على استيعاب قادة تلك الميليشيات، وتحويلهم إلى متعاونين، في الإطار ذاته.

— تفاصيل خطة “وليامز” —

في ضوء مشهد شديد الانقسام، فإن الخطوة الأولى في خارطة الطريق الأمريكية، بحسب التقرير، تتمثل في عقد مؤتمر وطني ليبي جامع، تصدر عنه دعوة لمجلس الأمن إلى سحب الاعتراف بجميع المؤسسات السياسية في البلاد، التي تستمد شرعيتها من القرار الأممي رقم 2259، على اعتبار أنها فشلت في المهام الموكلة إليها، وباتت جزءًا من المشكلة.

بعد ذلك، يتقدم المؤتمر بـ”نصيحة” إلى الأمم المتحدة، مفادها أن إجراء انتخابات رئاسية في الوقت الحالي، الذي تعيش فيه البلاد تشرذمًا وانعدامًا للأمن، سيقود إلى تعميق الأزمة.

وثالثًا، يطالب المؤتمر مجلس الأمن بقرار تحت الفصل السابع، من ميثاق الأمم المتحدة، بما “يجبر” جميع الأطراف في ليبيا على تنظيم انتخابات برلمانية عامة في غضون ستة أشهر، وفقًا للتشريعات القائمة حاليًا.

أخيرًا، تصدر الولايات المتحدة وحلفاؤها، بموجب الخطة، تحذيرات مباشرة وحازمة لجميع الأطراف، بشأن احترام نتائج العملية وعدم عرقلتها.

وفي ضوء التطورات السياسية والميدانية، ومتابعة كل من “سلامة” و”وليامز” مشاوراتهما، فإن الخطة الجديدة، بملامحها النهائية، قد تصبح واقعًا في مؤتمر يعقد بروما، في نوفمبر  المقبل، بحسب “أتلانتيك كاونسل”.

صيغة من هذا القبيل تعني تقليم أظافر القوى السياسية الحاضرة على الساحة حاليًا؛ حكومة الوفاق، وبرلمان طبرق، وقائد القوات المدعومة من البرلمان خليفة حفتر، وبالتالي القوى الإقليمية والدولية التي تقف خلفهم، وخصوصًا فرنسا.

في المقابل، سيظهر على الساحة تشكيل جديد، يتكون من قادة محليين وقبليين، ونشطاء، مع حفظ مقاعد لأنصار النظام السابق وأنصار حفتر، بحسب التقرير.

–عقبات ومخاوف —

ويُتوقع أن تواجه هذه الخطة معارضة من أغلب الأطراف، سواء تلك التي حققت مكاسب سياسية أو عسكرية بأثمان باهظة على مدار السنوات الماضية، أو التي ستبحث عن مكتسبات الثورة بين السطور، من حيث محاسبة مرتكبي الجرائم والفاسدين أو إزاحة رموز النظام السابق وتمكين الثوريين، وليس انتهاءً بمواقف التيارات الأيديولوجية والمناطقية والقبلية، عدا عن حسابات الامتدادات الخارجية لكل من تلك الأطراف.

من جانب آخر، فإن عملية تأمين البلاد، ذات المساحة الشاسعة والحدود الطويلة، في وقت قياسي، وفي ظل تغلغل جماعات متطرفة وتجار بشر ومخدرات، فضلًا عن انتشار السلاح، ستكون مهمة صعبة بدون دعم- تحفزه مصالح- من قبل الأطراف التي تمكنت من تأسيس نفوذ واسع في البلاد خلال السنوات الماضية.

وفي حال أصرت الأمم المتحدة على المضي في مثل هذه الرؤية، وتم بالفعل إصدار قرار يدعمها تحت الفصل السابع، فإن نتائجها قد تكون مشوهة، بتأثير من التفاوت في مستوى الاستقرار بين مختلف المناطق، وحجم الضغوط التي قد يتعرض لها المواطنون من قبل المؤثرين الحقيقيين على الأرض، وغموض القوانين والتشريعات التي سيتم في إطارها إجراء انتخابات برلمانية عامة.

من جانب آخر، وفي حال مضت الخطة إلى النهاية، دون مقاومة عنيفة من الداخل أو الخارج، وتأسس بالفعل برلمان يعمل مع لجنة دولية على صياغة دستور جديد، وبحماية دولية- أو “أمريكية” أو لحلف الناتو- على تأمين البلاد وتعزيز وحدتها ونزع سلاح جميع الأطراف؛ فإن ذلك قد يمهد لما هو أفضل وأكثر قبولًا، بالحد الأدنى، لدى أغلب الأطراف.

لكن تجارب السنوات الماضية أظهرت أن أزمة ليبيا أكثر تعقيدًا- داخليًا- من أن تحل بتلك البساطة، وأن اهتمام مختلف الأطراف الخارجية تقف خلفه مصالح كبيرة، من شأنها، بلا شك، التأثير على مسار وملامح الحل النهائي، بشكل أو بآخر، أما الأخطر فهو أن تستلم زمام الأمور أطراف غير معنية باستقرار المنطقة حاليًا.

— دور الافريكوم — 

فيما كشف الدكتور إبراهيم الغويل، المحسوب على الزعيم  الليبي الراحل معمر القذافي والفقيه القانوني، عن تحركات أمريكية على الأراضي الليبية تهدف لتمكين قوات “الأفريكوم” من السيطرة على ليبيا.

وأضاف الغويل، في تصريحات خاصة لوكالة “سبوتنيك” الروسية ، أن ما تقوم بها الولايات المتحدة عبر تحركات الأفريكوم غير المباشرة تهدف لمنع قيام الفيدرالية، وذلك بهدف السيطرة الكاملة على ليبيا، وأن المشروع ليس بالجديد، حيث تسعى الولايات المتحدة منذ عهد جمال عبد الناصر للسيطرة على ليبيا لعدم تنفيذ اتفاقية المثلث الذهبي بين مصر والسودان وليبيا”.

وأوضح أن تحركات قوات “الأفريكوم” غير مباشرة، “حيث تستخدم الجهلاء إلى جانب العملاء، ويعملون جميعا على تنفيذ الخطة الأمريكية التي ترى في ليبيا الموقع الاستراتيجي الأمثل لمواجهة تمدد القوى العالمية الأخرى، وكذلك السيطرة على مصادر النفط”.

كما لفت إلى أن التحركات الأمريكية في ليبيا تسعى لمواجهة النفوذ الروسي والصيني، خاصة أنها تعلم أن ليبيا وما لها من مكانة جغرافية واقتصادية تمثل أهمية كبرى في أفريقيا التي يمكن أن تشكل عاملا هاما في مواجهة الجشع الأمريكي والسيطرة على العالم، خاصة في ظل التوجه الروسي الصيني تجاه المنطقة الأفريقية.

وأكد أن عملية حل الكتائب المسلحة في ليبيا يمكن تنفيذها من خلال المؤسسات الرسمية التي تسيطر على شرائح من المجتمع، وكذلك مشايخ القبائل لما لهم من كلمة فاعلة حال اجتمعوا على موقف واحد.

–مراكز تدريب في ليبيا–

وفي وقت سابق كشف مركز دراسات أمريكي عن وجود قوات أمريكية ومركز تدريب تابع للجيش الأمريكي في الجنوب الليبي، تستخدم فيما أسماها “الحرب على الإرهاب ضد تنظيم داعش”.

ونشر معهد “واتسون” للشؤون الدولية والعامة بجامعة براون الأمريكية دراسة عن الحرب الأمريكية على الإرهاب منذ العام 2001 وحتى سبتمبر ،  وقال المعهد إن نفقات الولايات المتحدة على العمليات في الخارج منذ 2001، ستصل إلى 5.6 تريليون دولار، بحلول نهاية العام المالي (30 سبتمبر) 2018.

كما وضع خارطة للقواعد العسكرية الأمريكية ومراكز التدريب التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية أو المشاركة في إنشائها حول العالم والتي تنتشر في 76 دولة حول العالم من بينها ليبيا. وتظهر في الخريطة التي نشرها معهد واتسن قاعدة عسكرية ومركز تدريب في وسط الجنوب الليبي.

وكشفت مصادر ليبية لـ”سبوتنيك” عن وجود قوات أمريكية منذ  أغسطس 2016، وأنهم قدموا إلى ليبيا بذريعة دعم القوات التي كانت تقاتل تنظيم “داعش” في سرت.

–تلميحات سابقة —

وكان مصدر مسؤول في قيادة القوات الأمريكية العاملة في أفريقيا “أفريكوم” قال في تصريحات لـ”الشرق الأوسط”، إن “مشاركة قوات أمريكية في تأمين عملية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة في ليبيا، أمر وارد، إذا طلبت السلطات الليبية الحصول على دعم أفريكوم.

وأوضح المصدر، أن جانبا من المحادثات التي أجراها وفد أمريكي، ضم الجنرال توماس فالدهاوسير قائد “أفريكوم”، والقائمة بأعمال السفارة الأمريكية، ستيفاني ويليامز، مع فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني في العاصمة الليبية طرابلس، ولاحقا مع مسؤولين من حكومته، ناقش إمكانية تقديم “أفريكوم” دعما لوجيستيا لقوات الأمن التابعة لحكومة السراج لتعزيز قدرتها على تأمين الانتخابات.

وأضاف المصدر: “إذا تلقينا طلبا بشأن مشاركة أمريكية من الحكومة، فإننا سنقيم الوضع على الأرض”، لكنه رفض الكشف عن مزيد من التفاصيل.

 المصدر / وكالات و مواقع .

إعلان باريس بشأن ليبيا يحتضر وخطة أمريكية تلوح في الأفق

Comments are closed.

نحن لا نقوم بجمع بياناتك ولا نقوم ببيعها، نحن فقط نستخدم بعض الكوكيز التي قد تساعدنا في تطوير الموقع او تساعدك فيي الحصول على الصفحات بشكل أفضل موافق/ة إقرأ المزيد