عبق نيوز| ليبيا / الزاوية | تابعت عن كثب حركة عازف البيانو وهو يلاعبه برفق، وعنقه يترنح مع اللحن، فبين المفاتيح بلونيها الابيض والاسود تكتمل ملامح المقطوعة، حيث لا غنى لهما عن بعض.
استجلب عقلي مباشرة وانا اتمعن في هذه اللوحة صورة الحياة الزوجية وذلك الهارموني الذي ينشأ بين طرفين يكملان مع بعضهما حياة باثرها، ثم قَفَزت مباشرة عبارة ظل راجل ولاظل حيطة التي اطرت مساحةالعلاقة.
هذه هي الجملة التي اعتمدت الكثير من الفتيات عليها لتكمل حياتها تحت ظل رجل.. ولم تكن تدري الواحدة منهن ان الظل لن يصبح واقعا ولن يحميها من عوامل التعرية التي ستمر بها اثناء رحلتها الممتدة عبر تضاريس الحياة المختلفة.
ان نتاج هذه الجملة جد وخيم ، فالهروب عبر الخنادق غير معروفة الخريطة سيودي بها حتما الى التوهان في تلك المتاهة الغير معلومة المخرج.
ان القواعد التي رسمتها الامهات والجدات على مر العصور وتلك العادات والتقاليد التي كبّلت النساء وجعلت نجاحهن مقتصر على البحث عن النصف الاخر وفق معايير ومواصفات خاطئة، كان نتاجها ضلع حياة اعوج، بمعنى ان ما نراه اليوم من اختلال في المنظومة التربوية للجيل الحالي نابع في الأصل من تلك الأفكار المغلوطة.
فليس من الخطأ أن تبحث عن من يكمل نصفك الأخر، ولكن الخطأ الفعلي يكمن في الاختيار المبني على اسس مهزوزة. كلنا نردد اليوم عبارة ان هذا الجيل لا يملك من الاخلاق شيئا ، واظن بقليل من التفكير والتدبر سنجد وببساطة شديدة أن المشكلة تكمن في الأم المدرسة الأولى للتربية..
الام التي لم نقم بدعمها فكريا حتى تتسع مداركها فحصرت كل حياتها في البحث عن النصف الاخر.. لم تطور من ذاتها ، ولم تمنح نفسها فرصة التفكير خارج دائرة رسمتها اقوال رددتها الافواه.. كبُرت بعقل محشو بمناهج دراسية وتحصيل علمي حفظت غالبيته كتحصيل حاصل، لتتخرج وتحصل على شهادة وكل ذلك في نظر المجتمع لا يعني شيئ، فتحقيق النجاح المزعوم لا يأتي الا بعد ظفورها برجل الاحلام الذي سيحقق كل احلامها المؤجلة و التي رسمتها من خلال صورة نمطية حفظتها عن ظهر قلب من فيلم ابيض اسود نُسجت احداثه في اربعينيات القرن الماضي.
ولعل ارتفاع نسب الطلاق المخيفة اليوم في المجتمعات العربية سببها الرئيسي الإعتماد على تلك الجملة فقد أوضحت الإحصاءات أن حالات الطلاق في منطقة المغرب العربي خلال آخر 8 سنوات قد ارتفعت بشكل مخيف حيث سجلت أن كل ساعة تحدث فيها 10 حالات طلاق أي بمعدل 90 ألف حالة سنويًا، هذا بحسب موقع “أصوات مغاربية”.
ذُهلت عندما اطلعت على النسب في العالم العربي.. ولكن طالما اننا ننتهج في تزويج بناتنا هذا الطريق .. دون التفكير في مواصفات الرجل فحتما ستزداد النسب في كل عام اكثر.
كتبه / فيحاء العقاب – صحفية ( الزاوية – ليبيا ) .
Comments are closed.