عبق نيوز| أمريكا / فلسطين | سعى البيت الأبيض الأربعاء لتوضيح خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وترحيل سكانه، في حين حذّر الأمين العام للأمم المتحدة من “تطهير عرقي” في القطاع الفلسطيني.
وأثار مقترح ترامب سيلا من ردود الفعل المستنكرة، فلسطينيا وعربيا ودوليا، وفي المقابل أوضح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن اقتراح ترامب يقضي بخروج الفلسطينيين من غزة موقتا ريثما تجري إعادة إعماره.
وشدّد على أن اقتراح ترامب “لم يكن معاديا، كان على ما أعتقد خطوة سخية جدا، كان عرضا لإعادة الإعمار وتولّي الإشراف على إعادة الإعمار”.
بدوره، أكّد البيت الأبيض أنّ واشنطن “لن تموّل إعادة إعمار غزة”.
وأكّد الرئيس الأميركي الأربعاء أنّ “الجميع يحبّون” مقترحه المتعلق بسيطرة الولايات المتحدة على غزة وترحيل سكّان القطاع، وذلك رغم المعارضة الشرسة التي لقيتها هذه الفكرة من جانب الفلسطينيين والعديد من دول الشرق الأوسط والعالم.
وأدلى الرئيس الأميركي أدلى بتصريحاته حول السيطرة على غزة ونقل سكان القطاع إلى الأردن أو مصر، بعد استقباله في البيت الأبيض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي اعتبر أنّ من شأن هذه الخطّة أن “تغيّر التاريخ”.
وأعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي وصل صباح الأربعاء إلى الأردن للقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن “رفض شديد لدعوات الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم”.
من جهته، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء في خطاب أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف من أيّ محاولة لإجراء “تطهير عرقي” في غزة.
وقال غوتيريش إن “جوهر ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف يكمن في حقهم في أن يعيشوا على أرضهم”.
والثلاثاء قال ترامب إن سكان القطاع المدمّر سيتم نقلهم إلى الأردن أو مصر، على الرغم من معارضة هذين البلدين.
وفي خطة تفتقر إلى التفاصيل حول كيفية ترحيل حوالى مليوني فلسطيني أو السيطرة على غزة، قال ترامب إنه سيجعل القطاع المدمّر بسبب الحرب مكانا “مذهلا” عبر إزالة القنابل غير المنفجرة والأنقاض وإعادة تطويره اقتصاديا.
وأثار ترامب الثلاثاء في حديثه عن سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وترحيل سكانه وتحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” استهجانا دوليا واسعا وصدمة عارمة.
وأكّد البيت الأبيض الأربعاء أنّ الولايات المتحدة “لن تموّل إعادة إعمار غزة”، وذلك غداة اقتراح الرئيس دونالد ترامب أن تسيطر بلاده على القطاع الفلسطيني بعد ترحيل سكانه.
وأعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت للصحافيين أنّ ترامب قال إنّ “الولايات المتّحدة لن تموّل إعادة إعمار غزة. إدارته ستعمل مع شركائنا في المنطقة لإعادة بناء هذه المنطقة”.
كذلك قالت إنّ “الرئيس لم يتعهّد نشر جنود على الأرض في غزة” لكنّها أضافت ردا على أسئلة الصحافيين بهذا الصدد أنّ “الرئيس لم يتعهد ذلك في الوقت الحاضر”.
– “فلسطين ليست للبيع” –
وأثارت تصريحات ترامب غضبا أيضا بين الفلسطينيين على الأرض.
وقال حاتم عزام، أحد سكان مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، “يجب أن يفهم ترامب ونتانياهو حقيقة شعب فلسطين وشعب غزة، الشعب متجذر بأرضه، لن نرحل ولن نهاجر تحت أيّ مسميات وخدع كاذبة”.
وصرّح أحمد الميناوي (24 عاما) من غزة “نحن موقفنا رفض ورفض… ونحن حياتنا كريمة داخل قطاع غزة… ونحن نقول باختصار لترامب ونتانياهو فلسطين ليست للبيع” .
أما النائب في الكنيست الإسرائيلي منصور عباس، فاعتبر في منشور على “فيسبوك” أنّه “من غير الممكن تنفيذ أيّ ترانسفير (نقل) من دون ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية”.
وشدّد النائب على ضرورة عدم الإنجراف إلى “مغامرة من شأنها أن تعمّق العداء والكراهية” داعيا إلى “إيجاد طريقة مبدعة لإعطاء الأمل ودفع المصالحة والسلام بين الشعبين، واستكمال تنفيذ مراحل الاتفاق”.
وليست هذه المرّة الأولى التي يتطرّق فيها الرئيس الأميركي إلى ترحيل الفلسطينين من غزة، إذ سبق له وأن دعا في تصريح سابق بعد تسلّمه الرئاسة، لنقلهم إلى الأردن ومصر.
ودعا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى الأربعاء إثر لقاء بينهما إلى إعادة إعمار غزة “بدون خروج” أهلها منها، عبر المضي قدما في مشاريع إزالة الركام وإدخال المساعدات “بوتيرة متسارعة”.
وأكّد الملك عبدالله الثاني لدى استقباله عباس رفض بلاده “أية محاولات” لضمّ إسرائيل للأراضي الفلسطينية المحتلة وتهجير سكانها.
وقال بيان صادر عن الديوان الملكي إن العاهل الأردني أكّد خلال اللقاء “ضرورة وقف إجراءات الاستيطان، ورفض أية محاولات لضمّ الأراضي وتهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، مشددا على ضرورة تثبيت الفلسطينيين على أرضهم”.
كذلك رفضت السعودية والإمارات وجامعة الدول العربية الخطة الأميركية.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إنّ الرياض “لن تتوقّف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية”، مضيفة “أنّ المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بدون ذلك”.
وذكرت وزارة الخارجية الإماراتية أنّ أبوظبي “أكّدت رفضها القاطع للمساس بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني ومحاولة تهجيره”.
وقالت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في بيان إنّها وإذ “تُعرب عن ثقتها في رغبة الولايات المتحدة ورئيسها في تحقيق السلام العادل في المنطقة، فإنّها تؤكد على أن الطرح الذي تحدث به الرئيس ترامب ينطوي على ترويج لسيناريو تهجير الفلسطينيين المرفوض عربيا ودوليا، والمخالف للقانون الدولي”.
– “عامل رئيسي لزعزعة الاستقرار” –
وحذّر الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي الأربعاء من أن “أي تهجير قسري للشعب الفلسطيني في غزة أو الضفة الغربية سيكون غير مقبول”.
وفق بيان للرئاسة الفرنسية، اعتبر الرئيسان خلال محادثة هاتفية أن “ذلك سيشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي وعقبة أمام حل الدولتين، وعاملا رئيسيا لزعزعة الاستقرار في مصر والأردن”.
وأعلن الاتحاد الأوروبي الأربعاء أنّه “أخذ علما” بمقترح ترامب، مؤكّدا أنّ حلّ الدولتين هو “المسار الوحيد” لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال متحدّث باسم الاتحاد الأوروبي إنّ “غزة جزء لا يتجزّأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية”.
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية من جهتها أنّ مستقبل غزة يكمن في “دولة فلسطينية مستقبلية” وليس في سيطرة “دولة ثالثة” على القطاع.
وأكّد رئيس الوزراء البريطاني على ضرورة تمكين الفلسطينيين من “العودة إلى ديارهم” في غزة.
وصرّحت ألمانيا، ردّا على ترامب، أن قطاع غزة “ملك للفلسطينيين”.
من جهته ذكّر المفوّض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك بأن ترحيل سكّان أيّ أرض محتلة محظور تماما، قائلا إنّ “الحقّ في تقرير المصير هو مبدأ أساسي في القانون الدولي ويجب أن تصونه جميع الدول، وهو ما أعادت محكمة العدل الدولية مؤخرا التأكيد عليه”.
واعتبر المفوّض الأممي السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أنّ مشروع السيطرة على غزة “مفاجئ جدّا”.
بالمقابل، تعهّد الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش الأربعاء العمل على أن يتمّ “بشكل نهائي دفن الفكرة الخطرة” المتمثلة بإقامة دولة فلسطينية.
من جهتها، وصفت منظمة بتسيلم الإسرائيلية غير الحكومية خطة ترامب للقطاع بأنها “مجنونة”.
أما منظمة العفو الدولية “أمنستي” فاعتبرت أنّ خطة ترامب “مروّعة” و”غير قانونية”، معربة عن قلقها إزاء الطابع “التحريضي” لتصريحات سيّد البيت الأبيض.
وتزامنت تصريحات ترامب الأخيرة مع انطلاق الجولة الثانية من مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وأسفرت المرحلة الأولى من الهدنة حتى الآن عن إطلاق سراح 18 رهينة من غزة ونحو 600 معتقل فلسطيني لدى إسرائيل، فضلا عن وقف الأعمال لاتقالية وزيادة المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
ويفترض أن تتيح المرحلة الثانية الإفراج عن آخر الرهائن الأحياء من غزة وإنهاء الحرب التي اندلعت إثر هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.
واحتُجز 251 شخصا رهائن في هجوم حماس الذي تسبّب بمقتل 1210 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وردّا على هجوم حماس جرّدت إسرائيل حملة عسكرية ضد قطاع غزة استمرت أكثر من 15 شهرا وأدّت إلى مقتل 47518 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحماس.
ومنذ دخول وقف إطلاق النار في غزة حيّز التنفيذ في 19 يناير، تنفّذ إسرائيل في شمال الضفة الغربية المحتلة عملية عسكرية واسعة ضدّ مجموعات فلسطينية مسلحة مما تسبّب بدمار واسع وبمقتل العشرات.
المصدر / وكالة الصحافة الفرنسية.
Comments are closed.