[ad id=”1163″]
#عبق_نيوز| مقالات و كتاب / فيحاء العاقب | نكذب على بعضنا البعض عندما نردد هذه العبارة، فلسنا سواسية كأسنان المشط الا عند الله سبحانه، ولا طاقة لمجتمعنا بان يطبق ذلك، فأهله اقل من ان يجسدوا ما يقولون وارخص من ان يعتلوا منصة الانسانية المعتمدة على الجوهر، اذا فالعبارة مقرونة فقط بالذات الالهية.
كنا صغارا عندما احدثوا شرخا بيننا نحن معشر السمراوات وبين الشقراوات، وروجوا لهن على انهن الافضل والاجمل والاكثر بهاءا، والغريب ان من احدث ذاك التصدع في قلوبنا وفتتها حاملات مشعل التربية”المعلمات”، ونجدنا رغم ذلك نردد ( قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم ان يكون رسولا)، فأي رسول الذي يميز بين البشر ويتبع نظرية” خيار وفقوس”، وسحقا لكل من تسول له نفسه ان يجرح قلب طفل.
خيبت ظني تلك المترممة على الثقافة، الراكضة وراء المؤتمرات والندوات وورش العمل، مدافعة عن حقوق الانسان وحقوق المرأة، خيبت ظني بسخفها وصفاقتها عندما قالت بوشوشة لصديقتي التي تشاطرني لون بشرتي الابنوسي، لن تكوني في لجنة الاستقبال نحتاج وجه بيضاء، غاضة البصر عن الملامح الطفولية الفاتنة والجسد الممشوق كفرع البان.
ولان عقدة الغرب لها مفعول السحر لدى هذه الثلة، فما لبثت مدعية الثقافة ان عادت من مؤتمر عقد في بلاد العجم، حتى ارتدت ثوب افكار جديد ، فجاءت لاهثة مقلدة اسياد افكارها مستجدية ذلك الوجه الذي استبعدته مسبقا، فقط لان في بلاد العجم كرمت سمراء وحظت بمكانة مرموقة.. عجبي!!.
المضحك المبكي انه حتى الهبات التي منحت لبني لوني يتم استكثارها عليهم، فقد دهشت لحكاية احدى الزميلات الاذاعيات التي روت لي قصة مستمع التقته ذات صدفة، فمدحها مدحا يشبه الذم، او انه ذمها بما يشبه المدح، في الحالتين كان الجرح عميقا، ولم يكتفي فقد تفنن في وضع الملح بكلماته الفجة، في البدء اشاد بصوتها حتى انتفخت فرحا وزهوا، وفي لحظة هجوم مرتد مباغت سرد مواصفات صاحبة صوت الكناري وفق مخيلته المتوعكة، وهي الشقراء طويلة القامة ناصعة البياض، بل انه اضاف في حال يشبه الطبطبة او اصلاح ما اتلف بأن الانسان بطبيعته عند استماعه لما يشنف اذنه ميال لاستقدام هذه المواصفات، عجبت لامره ومن هم على شاكلته برسمهم لصورة كاذبة خاطئة.
صدمني صديقي الاعلامي المحنك بالغ الثقافة عندما كنا نتحدث فوصف لي سكرتيرته على ان لها جسد كعارضات الازياء امتلكته رغم سمار بشرتها، وكأن الجمال محصور في لون معين، ولم يشر لملامح وجهها، لعل عقله الباطن صور له ان الحسن لصيق بالبياض، وحتى عندما حاول اقناعي لميله صوب داكنات البشرة ارفق حديثه بجملة (جمالهن طبيعي)، مما جعلني اشك ان صاحبات اللون الاخر هن شقيقات باربي وفلة ولا ينتمين لعالم البشر بقدر انتمائهن لعالم الدمى.
ان مفارقات البيئة العربية غريبة جدا، تجد كل الابصار مثبتة صوب بيونسي وريانا وغيرهن، ويتباهون بمتابعتهم لاوبرا، بل تجدهم يتدافعون ليظفروا بتوقيع عابر من احداهن وان تمتلأ الهواتف بصورهن، ويستنكرون بشدة التزاوج او الاقرار بحلاوة الشكلاطة، ومن اكثر الامور المستفزة الصورة التي تناقلتها وسائل التواصل لزوجين مختلفين “سمراء واشقر”وما رافقها من سفاهة التعليقات، وحتى من حاول ان يظهر موقفه الايجابي لذاك الانصهار، كان تعليقه مستفزا (ان الجمال جمال الروح ) وبذلك ضمنه صورة المقارنة المبطنة، مما جعل لسان حال الغالبية تقول “ليتك لم تنطق ببنت شفة”.
المشكلة الحقيقية في هذه المسالة تكمن في ابتداع سمات معينة ارتبطت بالجمال في اذهان العرب، جعلتهم في حال من فقد البصر والبصيرة، الى جانب الترويج والتسويق الاعلامي لشكل معين عبر الوسائل المختلفة، تلك الصورة النمطية المتدفقة من المشرق العربي سيطرت سيطرة كاملة على العقول، ارجعتنا الى زمن الجاهلية، فبعد 1400 سنة ها نحن نعود ادراجنا، مما حفز الفتيات على التسابق صوب مراكز التجميل لتبييض بشرتهن بمساحيق وعقاقير مسرطنة ليزدادن حسنا، ولا ندري عندما تتحقق مقولة السود سيسودون يوما كيف سكون الحال؟؟ !!.
كتبه / فيحاء العاقب.
[ad id=”1154″]
Comments are closed.